نافذة أوفرتون

نافذة أوفرتون

ماذا تعرفون عن حرب المعلومات، أو الحرب الإعلامية التي يتعرض لها الناس؟ تعالوا نتعرف على أبرز أساليب الحرب الإعلامية التي تتعرضون لها في الإعلام المتلفز ووسائل التواصل الاجتماعي.

إعداد: آلان داود

حدد العديد من الباحثين تصنيفات خاصة لأساليب التأثير المعلوماتي على الإنسان، ومنهم إيغور بانارين دكتور العلوم السياسية، الذي قدم الشرح الأكثر وضوحاً. يعدد البروفيسور بانارين أساليب حرب المعلومات ويقسمها بدقة، فهناك التنابز بالألقاب، والنعوت، والنقل، والإشارة إلى جهة موثوقة، والشائعة، وخلط الأوراق، والتأثير المعاكس، والسخرية، والاستفزاز، ومبدأ التناقض ونصف الحقيقة، والتصريحات الكيدية، والتقليل من أهمية الموضوع وغير ذلك. 

الإشارة إلى جهة موثوقة

مضمون هذه الطريقة، يكمن في اقتباس تصريحات وآراء أفراد من ذوي الهيبة والاحترام، أو العكس، بحيث يؤدي الاقتباس إلى رد فعل سلبي لدى فئة من الناس المستهدفين. والهدف هو: إقامة علاقة ثقة مع الجمهور. وهذه الجهات ذات السلطة والهيبة، ممكن أن تكون سياسيين معروفين، فنانين، ممثلين مشهورين ورجال الأعمال، أو أساتذة مؤسسات التعليم العالي. وليكون هذا الأسلوب فعالاً، من الضروري توفر العوامل التالية: ثقة الجمهور بالجهة المقتبسة، شهرتها، ومهاراتها المهنية العالية، وشخصيتها، والمنصب الرسمي العالي في الماضي، أو الحاضر، وقربها من المجموعة المستهدفة.

حافلة المجتمع

عند استخدام هذه التقنية، يتم اختيار مجموعة من الأحكام والجمل والعبارات، التي تتطلب الثبات على نوع من السلوك، وخلق انطباع بأن الجميع يفعلون ذلك!

الهيمنة على الفضاء الإعلامي

هذه التقنية تكمن في أن المؤسسة الإعلامية تظهر في الفضاء الإعلامي للمؤسسات جميعها، وفي الوقت نفسه، ولا تسمح بدخول أية مؤسسة في مجالها. وبهذا، ينشأ لدى المتلقي انطباع بأن معلومات هذه المؤسسة هي فقط الصحيحة والحقيقية.

الرفض العام

يستخدم لخلق وهم عدم الموافقة على إجراءات معينة من جانب الرأي العام. الهدف الرئيس لهذا الأسلوب هو خلق صورة سلبية عن مرشح، أو مجموعة. غالباً ما يتم تنفيذ هذا الأسلوب عن طريق اختيار التصريحات المختلفة «لجماعات الضغط»، و»الممثلين» من مختلف طبقات السكان، واستطلاعات الرأي المختلفة.

انتهاك العلاقات المنطقية والزمنية بين الأحداث

وهذا يستخدم للحد من تأثير الجانب الآخر، فضلاً عن خلق الأوهام فيما يتعلق ببعض الاتجاهات والمواقف. على سبيل المثال: يتم منع استخدام حقائق وأحداث منفصلة، أو استخدامها لخلق خلفية سلبية ذات اتجاه سلبي. 

الإطار الأخلاقي أو نافذة أوفرتون 

ينبغي إيلاء اهتمام خاص بهذه التقنية المدمرة. جوزيف أوفرتون شرح أن أفكاراً غريبة جداً عن المجتمع يتم جلبها من مجمع قمامة الازدراء العام، وغسلها، وفي النهاية تصبح قانوناً ثابتاً. وفقا لـنافذة أوفرتون لكل فكرة أو مشكلة في المجتمع، يوجد ما يسمى بـ «نافذة الفرص». في إطار هذه النافذة الفكرة يتم نقاشها، أو عدم نقاشها على نطاق واسع، ودعمها علناً، وتعزيزها ومحاولة إثباتها عبر القوانين والتشريعات. «النافذة» يتم تحريكها، وبالتالي تتغير سمة المرحلة من «ما لا يمكن تصوره»، أي: الفكرة البعيدة تماماً عن الأخلاق الاجتماعية، والمرفوضة تماماً، إلى سمة «السياسة الحالية»، أي: الفكرة التي حصلت على مناقشة مستفيضة، ومفهومة في الوعي الجمعي، ومعتمدة من قبله، ومنصوص عليها في التشريع.

اليوم هذه التكنولوجيا هي الأكثر خطورة، لأنها تسمح بإضفاء الشرعية على أي شيء، بما في ذلك أحط الرذائل البشرية: زواج المثليين، الاعتداء الجنسي على الأطفال، أكل لحوم البشر، وما إلى ذلك. الأمر يتعلق بالتجريد النهائي من الإنسانية، وتدمير القيم الاجتماعية التقليدية التي تربط كل البشر. العديد من وسائل الإعلام بالدول الأوروبية تشارك بنشاط في هذه الهجمات المعلوماتية، التي تسهم في تدمير الأخلاق والآداب العامة لدى جيل الشباب وقتل آخر بقايا البشرية فيهم.

الخطر الرئيس للغالبية الساحقة من أساليب حرب المعلومات، هو: أنها لا تسفر عن أعراض واضحة لآثارها المدمرة. ويتم إدخالها في الفضاء المعلوماتي في شكل خفي، لذلك أحياناً لا يشعر الناس بأنهم يخضعون لنوع من التأثير. ونتيجة لذلك، فإن المجتمع والأسوأ من ذلك، السلطات، لن يكون لديها أي شعور بالخطر، وبالتالي لن يتم إطلاق أية آلية حماية. يحدث هذا لعدد من الأسباب، أهمها: أولاً وقبل كل شيء، جهل المواطنين وعدم وجود أية فكرة لدى السكان عن حرب المعلومات.