رسائل تشي

رسائل تشي

كان الفكر السياسي لغيفارا واضحاً تماماً عندما وصل إلى غواتيمالا، الأمر الذي تبينه الرسالة التي كتبها لعمته بياتريز في العشر من كانون الأول من عام ١٩٥٣: «لقد حصلت على فرصة عبور حقول (شركة) المتحدة للفواكه، الأمر الذي زاد من قناعاتي بفظاعة هؤلاء الناس. لقد أقسمت أمام صورة للشيخ والرفيق المأسوف عليه ستالين، بألاّ أقبل هدنة قبل أن يتم تحطيم هؤلاء الأناس الرأسماليين. سأقوم بتحسين مستواي في غواتيمالا لأعمل على تحصيل ما أفتقد إليه حتى أكون ثورياً أصيلاً. ابن أختك (أخاك)، ذاك ذو الصحة الحديدية، والمعدة الخاوية، والإيمان الساطع بالمستقبل الاشتراكي».

لقد تعرفت على راؤول كاسترو، الأخ الأصغر لفيديل. لقد عرفني على زعيم الحركة. لقد ثرثرت مع فيديل طوال الليل، لأغدو في الصباح الباكر طبيب الحملة المستقبلية. لقد أدهشني فيدل فهو شخص غير عادي... ذو إيمان استثنائي… وقد شاركته تفاؤله. طلب تشي من كاسترو آنذاك أن يسمح له بالذهاب للقتال في الأرجنتين عندما تنتصر الثورة في كوبا.
يتذكر فيدل كاسترو اللحظات الأولى: «خلال أول معركة انتصرنا بها، كان تشي قد أصبح جندياً من قواتنا، وفي الوقت نفسه، كان لا يزال طبيباً. خلال المعركة الثانية المنتصرة، لم يكن تشي جندياً فحسب، بل الجندي الأكثر تميزاً في هذه المعركة، حيث حقق لأول مرة، واحدةً من تلك المآثر المفردة التي ميزته في جميع الأعمال [...] كانت إحدى خصائصه الأساسية: التطوع الفوري واللحظي لتنفيذ المهمة الأكثر خطورة. وبطبيعة الحال، أثار إعجاباً مزدوجاً عند رفاقه الذين قاتلوا معنا، فهو لم يلد على هذه الأرض، صاحب أفكارٍ عميقة، كان رجلاً تغلي روحه بأحلام النضال في أجزاء أخرى من القارة، ولكنه تمتع بهذا الإيثار، هذا الزهد، هذا الاستعداد الدائم للقيام بأصعب المهام وللمخاطرة بحياته».
في منطقة فيلا كلارا، أنشأ تشي فصيلة من الاستشهاديين من مقاتلي العصابات المحنكين، وتم تكليفهم بأشد المهام صعوبة، وقال عنها: إن الفصيلة الاستشهادية «هي مثال على الروح المعنوية الثورية، وهي تتألف فقط من متطوعين تم انتقائهم بعناية فائقة. مع ذلك، عند تعيين متطوع جديد إثر استشهاد أحد الرجال - الأمر الذي كان يحدث في كل معركة- كان يعتصر المرفوضون الألم حدّ البكاء. كان مثيراً للفضول رؤية الفدائيين يعبرون عن شبابهم بدموعهم التي تنهمر لعدم حصولهم على شرف التواجد في الصف الأول على جبهة معركة الموت».
وفي يوم 28 كانون الأول عام 1958، شن غيفارا الهجوم على مدينة سانتا كلارا، المعقل الأخير للنظام قبل هافانا، معززاً بقوات تزيد بعشرة أضعاف عدد الفدائيين الذين لم يتجاوز عددهم 300 رجل. انتهت المعركة مع الاستيلاء على القطار المدرع القادم بتعزيزات من العاصمة. لكن المتمردين دفعوا ثمناً باهظاً. قدم غيفارا شهادة على هذا الموضوع، قائلاً: «أذكر فصلاً يدل على روح قوتنا في هذه الأيام الأخيرة. كنت قد عاتبت جندياً أخذه النوم في خضّم المعركة، فأجاب بأنه قد تم نزع سلاحه لأنه لم يحسن التصويب. أجبت بلهجتي الجافة المعتادة: «إذا كنت قادراً، إذهب منزوع السلاح للحصول على بندقية أخرى من الخطوط الأولى». في سانتا كلارا، حيث كنت أعمل على رفع معنويات الجرحى، قام رجل محتضر بلمس يدي وقال: «هل تذكر أيها القائد؟» أرسلتني للحصول على سلاح من ريميديوس ... ها هو ذا. لقد كان المقاتل نفسه [...] كان سعيداً بقدرته على إظهار شجاعته. هكذا كانت حال جيشنا المتمرد».

النص الكامل منشور على موقع قاسيون تحت عنوان «خمسون حقيقة عن غيفارا»

آخر تعديل على الأحد, 07 كانون2/يناير 2018 21:26