لن ننسى...

لن ننسى...

العلاقة بين الماضي والحاضر، علاقة تواصل وتكامل، من خلال هذه العلاقة يتراكم الوعي البشري، الماضي يمدنا بالتجربة، والحاضر يمدنا بأدوات جديدة لاكتشاف الذات، لتحديد اتجاه السير أفراداً ودولاً وشعوباً

ما يجري في ظل سيادة الوعي اليومي، في ظل هيمنة نمط الحياة الاستهلاكية على الوعي البشري، في ظل اللهاث وراء متطلبات الحياة اليومية، في ظل الاسئلة المعلقة على مشاجب التاريخ، والإجابات المغيبة، في ظل القلق الوجودي الذي يتهدد انسان العالم المعاصر، أن هناك من يريد أن تحدث قطيعة في سيرورة التطور الإنساني، في تطور الوعي البشري، يفرض على الإنسان أن يكون ابن اللحظة، ومأسوراً فيها، فلا تجارب، ولا قوانين، وكأن المجتمع البشري مجرد مجتمع قطيعي، ليقودنا الى اللاأدرية، إلى الفهم العبثي للتاريخ ومساراته المتعرجة، هناك من يريد ان ننسى رغماً عنا، حتى تلك المعارف التي باتت بديهيات في الوعي البشري....والمفارقة أن الأدوات التي تستخدم لفرض هذا الغباء، وتعميمه، هي آخر ما أبدعه العقل البشري في مجال التكنولوجيا، فالإعلام المهيمن يتحفنا صباح مساء بسيل من الاكاذيب، والهرطقات، والادعاءات.. لاتسأل لماذا.. بل اسأل من يمللكها؟
كما أن لقمتنا مسروقة، وكما أن إرادة الانسان مصادرة، هناك من يريد أن يصادر وعينا ايضاً، أن يقولبه كما يريد، ممنوع عليك أن تسأل وتفكر، وتحاول، وتغيّر.. ممنوع أن تأخذ من التاريخ إلا بما يفيد ممنوعات الحاضر، ويتكامل معها ...
 عليك ان تنسى، أن أمك ولدتك حراً..
عليك أن تنسى أن الارض تدور
عليك ان تنسى ثمة  معادلة ظالم ومظلوم، و ثمة من حوّل الكرة الارضية الى جهنم دنيوي، الويل والثبور وعظائم الأمور
عليك ان تنسى بأنه يمكن أن تضع حداً، وتمنع  احتلال أراضي الغير، والتهجير، والنزوح، والاوبئة،  والامراض..
عليك ان تنسى، بانه يمكن أن يكون هناك توزيع عادل للثروة... القائمة أطول من أن تعد .. في ظل الانحطاط السائد... انحطاط في كل شيء.. في السياسة .. في الاقتصاد.. في الثقافة..
لكم تاريخكم، وللناس تاريخهم.. وهناك من لا تمحى ذاكرته، هناك من لا ينسى، ويظل يقرع الجرس ... ويسأل، ويقاوم.. ويسعى.. فليست المرة الأولى في التاريخ، أن يظن الحمقى أنهم غلبوا.. ولن يسود ألا ما يجب أن يسود.

معلومات إضافية

العدد رقم:
835