كتاب «الجزيرة وقطر»:  من تغطية الخبر إلى صناعته

صدرت مؤخرا الطبعة الثانية الدولية من كتاب «الجزيرة وقطر- خطابات السياسة وسياسات الخطاب» عن دار «أفريقيا الشرق» في المغرب، لمؤلفه محمد أبو الرب، أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت، وقد قدم الكتاب الدكتور وليد الشرفا رئيس دائرة الإعلام في جامعة بيرزيت، فيما عقب عليه الدكتور خالد الحروب من جامعة كامبرج.

وقد جاء العرض الأول للكتاب في طبعته الثانية في معرض القاهرة الدولي للكتاب محتلا موقعا بارزا في رف الكتب الإعلامية لعام 2012.

ويشرح الكتاب بالأدلة والشواهد كيف استطاعت قناة الجزيرة أن تخلق مكانة إقليمية ودولية فاعلة لدولة قطر تفوق حجمها السياسي ومكانتها التاريخية.

يناقش الكتاب الدور الذي تلعبه قناة الجزيرة في تشكيل العلاقات الدولية لقطر، معتبرا أن السياسة الإعلامية التي تتبناها قناة الجزيرة هي بمثابة تقاسم أدوار مع الدبلوماسية القطرية المباشرة؛ ففي الوقت الذي تقوم الجزيرة بتغطيات- وأحيانا خلق تغطيات- لأحداث أو أزمة من أزمات المنطقة تجد الدبلوماسية القطرية تمتد مباشرة للتوسط في محاولة حل هذه الأزمة.

ويسهب الكتاب بشرح عينات من تغطية قناة الجزيرة للانقسام الفلسطيني الداخلي ويفكك السياسة التحريرية للجزيرة بمنهجية علمية دقيقة توظف منهج تحليل الخطاب، ليخلص في النهاية إلى أن قناة الجزيرة لعبت دورا في التحريض على الاقتتال الفلسطيني الداخلي كما لعبت- ومازلت تلعب الدور نفسه- في العديد من الملفات العربية الداخلية، وهي بذلك تكون قد تجاوزت عملية نقل الخبر إلى صناعته، وعملية تغطية الأحداث والأزمات إلى صناعتها، يحدث كل ذلك من خلال تغطية إعلامية مكثفة تقود إلى تشكيل رأي عام توجهه القناة الوجهة التي تريد.

وكان الكتاب قد سبق موقع ويكيليكس في عرض وثيقة أمريكية سرية نُشرت في كتاب باللغة الانجليزية عام 2006 تحدثت عن تعاون استخباراتي بين كل من قطر وقناة الجزيرة من جانب ووكالة الاستخبارات الأمريكية من جانب أخر في العديد من ملفات المنطقة. و لم يكتف الكتاب بذلك، بل تعدى عملية النقل إلى ربط مضمون هذه الوثيقة مع مضمون تغطية الجزيرة لأحداث سياسية وأمنية مذكورة في هذه الوثيقة.

ويقع الكتاب في 222صفحة من القطع المتوسط مشتملا على خمسة فصول. جاء في تقديم الكتاب للدكتور وليد الشرفا المشرف على الدراسة أن «الاغتراب الإعلامي العربي ممثلا بـ قناة الجزيرة قد استبدل سؤال التحقق بسؤال التشويق والانفعال والغواية، وحول الدراما إلى مرجع للواقع، وهي تواجه سؤال التغيير العربي»، فيما اعتبر د. خالد الحروب في تعقيبه «أن الكتاب يمثل إضافة ثرية وعميقة للدراسات العلمية حول الإعلام الفضائي العربي، فالكتاب يجمع بين النظرية الدقيقة والرصد العلمي والإحصائي لتحولات ومكونات خطابات السياسة القطرية وسياسات الإعلام في قناة الجزيرة»، واعتبر الحروب أن الكتاب «سيحتل موقعا بارزا في رف الدراسات الإعلامية المعاصرة».

وأوضح الكاتب في الفصل الأول الموسوم بـ«التلفزيون بين تراكم الصور وخلق واقع تقني »، العلاقة بين الوسيط التقني المرئي ومدلولاته الرمزية، مع شرح علمي واف لآليات تشكيل الواقع الإعلامي من قبيل: الحجب والإبراز والتسطيح والتعميق لأحداث وقضايا على حساب قضايا أخرى.

وناقش الفصل الثاني الموسوم بـ: «خطاب الجزيرة ودبلوماسية قطر» العلاقة بين الدولة وفضائيتها باعتبار أن القناة هي إحدى أداوت السياسة الخارجية للدولة القطرية، فيما تسلسل الفصل الثالث الموسوم بـ«الجزيرة و تغطية الملف الفلسطيني الداخلي» في عرض تغطية القناة الناطقة بالعربية للأحداث الفلسطينية و في أحيان أخرى مقارنتها مع تغطية القناة الناطقة بالإنجليزية لذات الأحداث.

واختص الفصل الرابع الموسوم بـ«الجزيرة و قطر و الاستفادة من الأزمات» في تحليل البعد الدولي والإقليمي في تغطية القناة للملفين الفلسطيني و اللبناني، فيما تضمن الكتاب في فصله الخامس والأخير الموسوم بـ: «الجزيرة و بناء النموذج القطري- قطر مركز العالم» الأدلة على التوافق بين الجزيرة وقطر.

وأشار الكاتب إلى أبرز محطات تعاظم الدور القطري والذي تحقق بفعل قناة الجزيرة وإتاحتها المجال للوساطة القطرية في مختلف الأزمات العربية، وفي أحيان معينة توجيه الاتهامات للدول العربية بأنها عميلة لأمريكا وإسرائيل وخاصة مصر والسعودية، في مقابل تجاهل التركيز على العلاقات القطرية الأمريكية والإسرائيلية.

 

وخلص الكتاب إلى أن قناة الجزيرة هي بمثابة « حارس البوابة القطرية « فرسالة الجزيرة الأولى والأخيرة هي الترويج لقطر ليس فقط باعتبارها جاذبة للاستثمارات والمستثمرين وإنما أيضا لتبلغ الجزيرة العالم برسالتها « قطر الصدر الواسع لكل المتعارضات في السياسة العالمية ، قطر مركز العالم».

معلومات إضافية

العدد رقم:
544