ذاكرة للنسيان: في فقه الحصار

يقول الكاتب الفلسطيني محمود شقير: «في «ذاكرة للنسيان» نقرأ سيرة يوم في شهر آب من العام 1982، ونرى رأي العين فداحة الآثار النفسية الناتجة عن القصف الإسرائيلي لبيروت طوال ذلك اليوم، وانعكاس هذا القصف على أمزجة الناس وتصرفاتهم ورغباتهم وأهوائهم.

وتتلون أجواء الكتاب عبر السرد المتقن الذي يرصد أدق الخلجات، بألوان ذلك اليوم المقتطع من الجحيم. ومع توتر السرد والسارد يتابع تفاصيل ذلك اليوم، يصل التوتر الذي يعيشه السارد، الذي هو المؤلف محمود درويش، إلى المتلقي ويلقي به في قلب الحالة الموصوفة وفي قلب الجحيم الذي تعيشه المدينة ومن فيها من بشر».

كتب هذا النص الساخن قبل عشرين عاماً، عن يوم طويل من أيام حصار بيروت العام 1982 بلغة متوترة وبأسلوب يجمع بين السردي والشعري والقصصي والإخباري. وفي هذا النص تتقاطع شظايا سيرة شخصية مع أحداث الحرب حين يقف الفرد عارياً أمام مصيره..

 

من حيث الشكل، كما يعلّق شقير، يمكن اعتباره نصاً مفتوحاً قابلاً لاستيعاب عدد من الأجناس الأدبية وإدماج بعضها ببعض في وقت واحد، فقد اتسع الكتاب لعرض المواقف السياسية الآنية، ولذم الضمير العالمي الذي يتفرج على الفلسطينيين واللبنانيين وهم يذبحون في بيروت، دون أن يحرك ساكناً، ولذم الصمت العربي وتخاذل الأنظمة العربية كذلك. كما اتسع لعرض موقف محمود درويش من الكتابة ومن أدب المقاومة، ولمحاورة الفكرة الصهيونية وتفنيد حججها في تبرير سيطرتها على فلسطين. واتسع كذلك لتأمل علاقة محمود درويش ببيروت، ولعرض مشاهد من الحياة اليومية تحت الحصار لكتاب وأدباء وشعراء، كان لها مذاق خاص، في مجرى تدفق التفاصيل الخاصة بالحالة العامة وما يحيط ببيروت من خطر وموت وقذائف وبوارج وطائرات، وما يجري تناقله من أخبار عن خروج المقاومة من بيروت، في اتفاق يجري إنضاجه بالعمل على تفاصيله إلى أن تحين لحظة التنفيذ.

معلومات إضافية

العدد رقم:
544