حسني هلال حسني هلال

هادي دانيال: ما أكثر النساء وما أقل حظي

مقاتل. تعبره أربع عشرة مجموعة شعرية، وتخرج منه سالماً..
رجل. يزدحم عمره بعرائس المدن، ويظل على وفائه لها جميعاً..
عاشق. تضج شرايينه بقصائد النساء. ويبقى على غرامه بها قصيدة، قصيدة..
**

يدعونه: رامبو دمشق. وأسمح لنفسي أن أضيف:
شراع اللاذقية وسراح كفرية..
إنه الشاعر هادي دانيال. الدالج أبداً في المرأة، والثورة، والقصيدة..

***
لئن توقف رامبو فرنسا (صاحب فصل في الجحيم) في السابعة عشرة، عن كتابة الشعر واستهل (رامبو دمشق) أشعاره بديوان (بردى ووفود الجوع) في تلك السن من حياته فقد جمعت كيمياء الإنسانية وآخت جيولوجيا الشعر، كلا الشاعرين المهاجرين الآبقين. اللذين باعدتهما فيزياء الحدود والقوميات. وشاسعت بينهما جغرافيا الزمان والمكان..
***
كثيرة هي الصفات المتشابهة بين شاعرنا هادي دانيال ورامبو. ما جعل بعض النقاد والدراسين، يقع في فخ المقارنة بينهما ــ بضمنهم كاتب هذه السطور ــ أقول (فخ) لعلمي أنه ما من مقارنة بين اثنين إلا وظلمت أحدهما.
كتب دانيال في الصحافة والمسرح وأدب الأطفال، بيد أن الشعر، بما هو فعل ممانعة قبل أي شيء آخر. كان هو النازع الأول، والصفة الغائبة، والقاسم الأعظم. الذي يصدر عنه في الكتابة وفي الحياة.
ولما كان من الصعب ربما الإحاطة بصفات ونوازع مطلق إنسان، ناهيك عنه إذا كان شاعراً. حسبي هنا أن أحاول مقاربة ميزة الممانعة (إحدى صفات هادي دانيال البارزة) وذلك عبر أمثلة مقبوسة من أشعاره..
من ممانعات الشاعر التي قالها في المدن:
ما الذي لك
في اللاذقية
أو في دمشق؟
سألتني زهور
المنافي
كنت أقطفها
وأردد بين لهاث
قطافي:
هل رأيت كفرية خضراء خضراء
من سندس في الهضاب
واستبرق في التلال
إلى ما تلألأ في الروح
يروي الثرى
من جمان
من ممانعات الشاعر في الأصدقاء:
وأنا أتملص من أعباء رفاتي شبراً شبراً..
أدخل في قبر غاف في ظل شجرة زعرور
أتباطأ مثل رذاذ في الريح
ويعبرني برق يكشف عن غزة خلف السور
غيم أم شعرك يا أحمد دحبور
من ممانعات الشاعر هادي دانيال في الحب:
أنا من لا يشتري الهوى من بائعاته الصغيرات
بأعصابه ونبض جيوبه
أنام وعلى لساني
طعم امرأة النيكوتين
ما أكثر النساء
وما أقل حظي!

معلومات إضافية

العدد رقم:
541
آخر تعديل على الإثنين, 19 كانون1/ديسمبر 2016 03:28