آخر الصعاليك يوقع أعماله الشعرية

رغم ماحظي به من ألقاب، إلا أنه يفضل دائماً أن يصف نفسه بأنه «شخص هامشي»، فمنذ أن كتب مجموعته الشعرية الأولى «شخوص الممالك الزائلة» الذي استوحى شخوصها ومضامينها من منبته التراجيدي الذي خبط فيها رياح التاريخ خبط عشواء.. ولقمان ديركي لايعرف الهدوء والتعب.

وصفوه بملك الأرصفة وآخر الصعاليك والموهبة المتعددة، والشاعر الذي خرج من علبة السردين!..إلا أنه في كل الأحوال شاعر من أكثر الشعراء السوريين رواجاً وانتشاراً.. وواحد من أكثر الكتاب السوريين عناداً ومشاكسة وتمسكاً بالموقف..
منذ ثلاثة عقود تقريباً ولقمان ديركي اسم حاضر في المشهد الثقافي السوري، شاعر كتب لنفسه مثلما يكتب لقارئه، وممثل برع في تجسيد التفاصيل الحياتية على الشاشة لأنه عايشها في الواقع قبل أن يقرأ عنها في السيناريوهات، كاتب وصحفي استطاع بموهبة فريدة أن يحسن الاستماع إلى صمت الجماهير الداخلي، حيث كان يقضي نهاره متسكعاً في الحارات والبارات والحدائق ليتعلم ماذا يكتب للناس، فكان ذلك الشاعر المتفرد والخاص والمختلف والبعيد عن التقليد والتقلد..
اليوم يعود ديركي إلى جمع أعماله في كتاب حمل اسم «الأعمال الشعرية» ليس لأنه وصل إلى نهايته الشعرية كما يفعل عادة أغلب الشعراء، بل لأنه اليوم كما يقول أمام مرحلة جديدة.. والمجموعة هي كما قال الشاعر عنها لقاسيون: عبارة عن مجموعة أعمال كتبها منذ أواخر الثمانينات «ضيوف يثيرون الغبار، كما لو أنك ميت، وحوش العاطفة، الأب الضال» جميعها تلخص تجربة كبيرة من الألم والفرح والضحك والحزن بمعنى أنها عشرين عاماً من الحياة، حياتي مثلما هي حياة الآخرين أيضاً».

أما القديم الجديد في هذه المجموعة الكاملة فهو مجموعته الأولى «شخوص الممالك الزائلة» االذي كتبها في نهاية الثمانينات، لكنها المرة الأولى التي تظهر ضمن كتاب مطبوع، والسبب في ذلك كما يقول لنا الكاتب: «إنها فازت بجائزة أحد المهرجانات، لكن الجائزة سرقت منه بطريقة سفيهة، لأنها كانت تعنى بالأكراد.. حيث بعث أحد أعضاء لجنة التحكيم وقتها برسالة يقول فيها أن بلند الحيدري لم يعط الجائزة لديركي لأنه كردي ومسلم».

وعندما نسأله مرة أخرى عن سر هذا الحضور الكثيف لبلدة الدرباسية «مسقط رأسه» في أعماله يقول: «لأنها بالنسبة لي عالم كبير من الصور، ليست صور الطفولة الجميلة فحسب، بل صورة تلك المدينة المرشحة لأن تكون من أهم مدن الحداثة، حيث الكرد والآشور والأرمن والشركس والتركمان والكلدانيين جميعهم يتعايشون بسلام ويشكلون معاً حالة تتنوع وتوحي بحداثة مقبلة.. لأجل ذلك لاأستطيع أن أنسى تلك البلدة، وأعتز بها دائماً لأنها أعطتني الكثير».
«وحتى أستظهر الممالك كلها، وأودع أحوال شعبٍ في خيام شعوبٍ أخرى.
وحى أتمالكَ نفسي.. أتقدَّمُ، لا شيء ينحيني عن الملهاة، ولا أقلام ستشطب مالن أكتبَ
بلا رأسٍ أتقدَّم حاجباً ما دحي كلامي وحاجباً الملهاة بجسدي
أنفردُ بالسرد ولا أدع للهواء رئةً تتنفسه
"ليست الرئات مجالي" قال الهواءُ
ثم عصف حتى ظننته الريح.- من مجموعته الأولى « شخوص الممالك الزائلة»

معلومات إضافية

العدد رقم:
279