هند مرشد هند مرشد

الفنان إلهام المدفعي: موطني هو الوطن العربي كله، أنا عربي الإنتماء والهوية

نعاني من غزو الفن الهابط الذي ينتشر بسرعة ويزول بسرعة!!
نفاه نظام واحتضنته ذاكرة وطن حمل غيتاره وألحانه وجرحه وانطلق خارج حدود الزمن والجغرافيا والهوية. قصيدة شعر بلا أبيات ولا قوافٍ رحلة اغتراب الوجع المرير فيض عشق وتراتيل سلام وحلم بالعودة يراوده.. إلهام مدفعي أغنية جديدة وروح جديدة..


- لم يستطع المستمع العربي التعرف عليك إلاّ منذ سنوات قليلة بالرغم من أن بداياتك مع التلحين والغناء ليست جديدة فأين كنت؟

لقد كنت في الوطن.. كنت في العراق..وبما أنني لا أعرف فن التملق.. والتزلف، فقد ضاع صوتي في ضجيج المتملقين وتقطعت أوتاري، لذا بقي صوتي بعيداً عن الناس، ولم أظهر إلأّ بعد وقت طويل، بعد أن خرجت من الوطن.

- وكيف كانت بداياتك مع   الموسيقى والغناء؟

في الستينات من القرن الماضي بدأت، ذهبت إلى لندن وهناك أتممت دراستي، وكنت أول من يؤلف فرقة موسيقية، لتقديم أغان تراثية، ولم اكتف بتقديم التراث والتاريخ كما هو فقد بدأت ببحث، للخروج بهذه الأغاني بشكل جديد تنتمي إلى هذا العصر إلى روح هذا العصر، وإن كانت هذه البدايات لا تتعدى كونها محاولات فردية مع الفرقة كهواية.
بعد ذلك انشغلت بأمور الحياة والعمل، في العراق، حتى استطعت أن أكون فرقة أقرب إلى الاحتراف، وبدأت مع هذه الفرقة بمتابعة طريقي في الفن، محاولاً اكتشاف المزيد في الموسيقى وفي التراث العراقي والعربي، لاكتشاف لحن جديد ، مع أغان عششت في الذاكرة، وبحاجة إلى من ينقب ليخرجها إلى حيز الوجود من جديد، حتى بت الوحيد الذي يقدم هذا النوع من الغناء بهذا الأسلوب بعد أن قطعت رحلة طويلة في البحث الثقافي والموسيقي بالدرجة الأولى.

- بداياتك منذ السبعينات ولكن انتشارك الفعلي بدأ في أواسط التسعينات فما هو السبب وراء كل هذا الانتظار؟

السبب الرئيس يقع في شركات الإنتاج التي تبحث دائماً عن الربح.. عن المبيعات، ومقدار هذه المبيعات وكم الأرباح الذي ستجنيه منها، هذه الشركات لا يعنيها في الإنتاج سوى الكم، ولا تعير اهتماماً للنوع، .. لأنها أولاً وأخيراً .. شركات إنتاج.. وحتى لا أبتعد كثيراً فأولاً وأخيراً فإن أي فنان في هذا العصر بحاجة إلى شركات الإنتاج التي باتت لها اليد الطولى في انتشار أي فنان، وبقيت محافظاً على شروطي وعلى النوع الغنائي الذي أقدمه ولم أقدِّم أي تنازل، فأنا أقدم فناً بعيداً عن التجارة أصور فيه حالة، وفهماً للموسيقى والتراث، فأهملت شركات الإنتاج أعمالي إلاّ أن الصبر أوصلني إلى ما كنت أريد.

- حلمك الشخصي هل حققت منه شيئاً في مسيرتك منذ السبعينات إلى الآن؟

أنا لم أحقق شيئاً بعد .. البحث مستمر.فالسعي وراء الجديد لا يتوقف، الجديد والأصيل الذي يبقى خالداً في ذاكرة الناس، لا أريد ان أتوقف عند حد معين أو قالب معين، إن من يكسر القوالب ليخرج بجديد لا يمكن أن يضع نفسه في قوالب جديدة.

- تشارك كثيراً في مهرجانات عدة فماذا تعني لك المشاركة في المهرجانات؟

بالدرجة الأولى لأن هذه المهرجانات تبقي الفنان على تواصل مع الجمهور تواصلاً مباشراً، وهو أمر يفرحني حين أراقب كيف يتقبل الجمهور هذه الأغاني، ولأن المهرجانات تحمل روحاً مختلفة عن تلك الاحتفالات الغنائية الراقصة، عادة تكون المهرجانات التي تشارك فيها هي احتفالية .. تظاهرة ثقافية شاملة، تقدم فيها كل أنواع الفنون، إن هذه المهرجانات تستطيع استيعاب النوع الذي اغنيه، فهي تقدم لفن المثفقف والواعي والتجارب الناضجة عموماً والتي لديها ما تقوله من وراء هذه التجربة أو تلك، تقدم الفن الراقي ، فناً نحن العرب بأمس الحاجة إليه كأصحاب قضية، وإذا راقبنا الأسماء التي تقف في هذه المهرجانات نعرف تماماً أنها ليست أسماءً جاءت من الهواء بل هي أسماء لها مشروعها وبحثها في الموسيقى أو الشعر، أو حتى على الصعيد الفكري، كما تسمح لي هذه المهرجانات بإمكانية الالتقاء بأكبر عدد من الفنانين العرب الذين أقترب منهم في شكل التفكير. لقد تراجع دور بعض هذه المهرجانات وراحت تنجر وراء نمط ونوع آخر من الغناء، إلاّ أن بعضها بقي محافظاً قدر الإمكان على الشكل والمحتوى.

- إلام تعزو الحفاوة التي تلقاها في المهرجانات التي تشارك فيها، في ظل كل ما يقدم هذه الأيام في ساحة الغناء العربي؟

إنني لا أصدر فناً رخيصاً كذاك الذي يزداد رواجه هذه الأيام،  إن الجمهور العربي لديه ذائقة وحساسية عالية تجاه الفن الملتزم، وأنا أعول على هذا الجمهور بعكس كثير ممن يقولون أن هذا الجمهور فقد بوصلته، وساءت ذائقته، أنا أؤمن بالمستمع العربي الذي حالما يجد منفذاً لكل ما هو رائج هذه الأيام يسارع للتمسك به.

- كيف يرتبط الفن بالثقافة من وجهة نظرك، ومتى يكون الفن موظفاً لخدمة الثقافة، خاصة أننا نعاني من غزو للفن الهابط الذي يشوه الذوق العام؟

عندما يبتعد الفن عن الناس، ويخرج من إطاره الثقافي ليصبح تجارة هدفها الرئيس هو الربح، فإننا لا نستطيع أن نسميه فناً، فالفن لا يرتبط بالثقافة، بل هو أحد أوجه الثقافة، فيجب أن يلامس جرح الناس ويعبر عن ألمهم، ولن يكون الأمر بالشعاراتية، أو بتحميل الفن ما لا طاقة عليه، الأمر ببساطة أن يكون هناك مشروع ثابت يقف وراء ما يقدمه هذا الفنان أو ذاك، وأن يكون هناك ما يريد أن يقوله، بأبسط الأشكال، أن يكون هناك فهم لما يريد أن يقوله، وهذا لا يكون فقط بالكلمة بل باللحن أيضاً.

وأؤكد إيماني بالجمهور العربي مرة أخرى، فهذا الجمهور بالرغم من الغزو الذي تحدثت عنه مازال قادراً على التفريق، وعلى تذوق الفن الراقي والإقبال عليه أينما وجده، والدليل على ذلك استمرار وخلود الكثير من الأغاني التراثية وبقاؤها، أما الأغاني والفن الهابط فيزول سريعاً كما ظهر سريعأً.

- لقد طال انتظار عملك الجديد فإلى متى؟

البحث وراء الجديد هو السبب في التأخير ..إنني أسجل في فرنسا عملاً موسيقياً جديداً يضم مجموعة من الأغاني من ألحاني، لكن ما يميز هذا العمل هو الكلام، فالأغاني ستكون لشعراء كبار أبرزهم الشاعر الكبير مظفر النواب والذي أعتز بتقديم أعمال من تأليفه.

- أين تقيم الآن؟ما هو عنوان موطنك الحالي؟

إن موطني هو الوطن العربي كله، أنا عربي الانتماء والهوية.. ولكنني أسكن في العاصمة الأردنية عمان التي كان لها دور كبير في احتضان ودعم عملي، وأنا أكن لها ولشعبها حباً كبيراً .


معلومات إضافية

العدد رقم:
178