علي الجزيري علي الجزيري

الأحرار فقط يعرفون من هم المدجنون؟؟

المقالة التي نعرضها فيما يلي لقراء «قاسيون» بعنوان (المدجنون)، ارتأى صاحبها من خلالها أن يرد على زاوية «من التراث» المنشورة في العدد الماضي من جريدتنا بعنوان (الثنائيات الوهمية) بأسلوب بعيد كلياً عن الموضوعية وعن جوهر المادة المعنية، وكون هذه المقالة – الرد، جاءت مليئة بالتجنيات والأخطاء المتعمدة أو غير المتعمدة في فهم واستيعاب مضمون الزاوية لخلفيات يدركها كل ذي بصيرة، فقد آثرنا أن ننشرها مرفقة بمقالين (توضيحيين)، أحدهما لصاحب الزاوية الشيخ هشام الباكير، والثانية للرفيق الأستاذ ابراهيم اليوسف الذي لبى طلبنا مشكوراً لإيضاح ما التبس على صاحب المقالة إياه..

■ سكرتير التحرير

(المدجنون )

آفة الاستبداد، التي ابتليت بها العديد من الشعوب والأمم، أصل الفساد ومبعث كل أشكال الانتهازية؛ ففي ظلها، يمارس كل فردٍ هيمنته على طريقته الخاصة، بدءاً من الشرطي ومروراً بكنَّاس الشوارع وانتهاءً بصاحب القلم. إلا أن الاستبداد السياسي، أكثر وطأة وفتكاً بالعوام ـ على حد قول الكواكبي ـ لأنهم: (قوت المستبدِ وقوته، بهم عليهم يصول، وبهم على غيرهم يطول). فأسير الاستبداد السياسي، مسلوب الإرادة، يعيش حياة ذلٍ ورياء ومداهنة، اتقاء لكل شرٍ أو إرضاءً لولي النعمة.
في هذا السياق يمكن إدراج مقالة (الثنائيات الوهمية)، للمدعو (هشام الباكير)، والتي أتحفتنا بها صحيفة ( قاسيون ) التي يصدرها الشيوعيون السوريون (منظمات القاعدة)، في عددها (280) يوم الخميس 31 /آب /2006 م، تلك التي تزكم برائحتها النتنة الأنوف، وذلك حينما زعم صاحبها بأن: (القيادات الكردية في العراق، قد رأت في الاحتلال الأجنبي فرصتها التاريخية للانفصال بدويلة كردية)!... وهو يعلم علم اليقين بأن الولايات المتحدة كانت وما زالت ضد إقامة أي كيان كردي، لأسباب عدة لسنا بصددها، من بينها العلاقة الإستراتيجية بينها وبين تركيا. لكن، أليس من حق الكرد الذين ينوف عددهم / 40 م.ن / أن يكون لهم كيان مستقل؟.
إن استسهال سوق الاتهامات للقيادات الكردية في العراق ومن ثم الشيعية، عادة اعتاد عليها نفر من أدعياء الماركسية في سورية، ممن يروجون لثقافة وظيفية ذات أبعاد تعبوية بكل تأكيد؛ تقوم على تغليب الإيديولوجي على الواقع المشخصن، ويتم وفقها قراءة الواقع في ظل المفاهيم السائدة التي تنتجها المؤسسات المهيمنة أو في ظل الموروث الستاليني؛ ومن المؤسف قوله إن هذه الثقافة التي تسعى جاهدة التأسيس لتصورات ذهنية عن سمو الذات وثوريتها، ليست كذلك إلا في ظاهرها، فتبدو فيها الأنا الملغية للآخر متورمة إلى حدٍ كبير، مما يستدعينا إلى القول بأن مقاربتها للواقع بمثابة محاكاة ساخرة ليس إلا، لأنها لاتكشف إلا زيف إدعاءاتها في المآل الأخير.

ويتجلى لكل ذي بصيرة زيف أحكام الكاتب وذلك من خلال:

1 ـ تجاهله لتاريخ هؤلاء القادة حين ضرب به عرض الحائط. ولا يخفى للقاصي والداني، أنهم أمضوا جلَّ عمرهم في مقارعة أعتى الدكتاتوريات، ونالوا بذلك احترام شعبهم ومحبته بكل جدارة.فلا بأس من القول بأن شوك القنفذ لايضر ببرثن الأسد.
2 ـ كان من عادة (لينين)، فحص الأسنان اللبنية لأنصاره، وذلك من خلال موقفهم من أبناء الشعوب والأمم المستعبدة، أما الطيب الذكر(ماركس) فكان معياره للحكم على مصداقية أممية الإنكليزي هو موقفه من المسألة الإيرلندية. ما من شك أنه لو قدِّر للأخير أن يعيش حتى اليوم وسمع ما نسمعه اليوم ممن يدّعون الأممية، لنتف شعر لحيته الكثة نتفاً بلا مواربة.
3 ـ أما البضاعة التي يسوقها أمثال هذا الكاتب اليوم، فلا جديد فيها البتة، لأنها عين البضاعة التي كان يروجها النظام الشمولي في العراق عبر وسائل إعلامه ليل نهار. ولا يمكن لتلك الماكياجات المستخدمة ـ أعني إشادته بأمثال صلاح الدين الأيوبي وإبراهيم هنانو ـ أن تخفي قبح نيته المبيتة في تشويه الحقائق والنيل من سمعة القيادة الكردية بأي ثمن.
4 ـ الأمميون الحقيقيون يقرون بمبدأ (حق الأمم في تقرير مصيرها)، أما المزيفون فيكتسبون مواقفهم من أئمتهم الممسوخين أو يتلقونها من أنظمتهم الشمولية، ويُقدمون على تسويق هكذا أنساق نمطية عن الكرد بين الفينة والأخرى، ثم يدعون بأنها من إنتاجهم، فحكايتهم تشبه حكاية ذاك الصياد المعروفة والتي رواها (رسول حمزاتوف) في (داغستان بلدي) ؛ فحين لم يظفر بصيد، عرج على السوق واشترى غزالة، ثم ادعى بأنه اصطادها من البراري، لكن حيلته لم تنطلِ إلا على السذج، لأنها ـ أي الغزالة ـ كانت بمنأى عن أي جرح أو أثر لرميةٍ ببسيط العبارة.

13 / 9 / 2006 م.

معلومات إضافية

العدد رقم:
281