خزامى رشيد خزامى رشيد

الموت فضائياً

يحقُّ لنا أن نقف وقفة تأمل بسيطة نفكّر خلالها بتناول وسائل الإعلام المختلفة، وخاصةً  الفضائيات، لما يجري مؤخراً في أنحاء قطاع غزة...  غزة الجريحة والمحاصرة لأكثر من عامين وستة أشهر، حصاراً سادياً محكماً غفلت عنه العيون وصُمت عنه الآذان، إلا أن إسرائيل، السرطان الخبيث في جسم العالم العربي، لم تهنأ  بالحصار المطبَّق بتواطؤ  عربي  ودولي، فأبت آلة الحرب الإسرائيلية التدميرية إلا أن تسجل حضورها الحي على مرأى من  شاشات العالم وفضائيات التلفزة، التي باتت معنية بين ليلة وضحاها بالحرب المجرمة التي تخوضها إسرائيل  في وضح النهار دون أدنى خجل أو تردد.

 بعض الفضائيات العربية كـ«العربية» مثلاً سجَّلت حضورها الإعلامي في ساحة الحدث،  ولكنها لم تكلَّف خاطرها أن تسميه عدواناً أو حرباً، فوسمت ما يجري بـ«الهجوم على غزة».  أما قناة «أبو ظبي» التي لم ننس أبدأ موقفها إبان الانتفاضة الثانية، فقد تنصلت من واجبها الإعلامي تجاه ما يحصل في غزة، واكتفت بإفراد مساحة متواضعة له تقتصر على نشرات الأخبار، وتابعت بثَّ برامجها المتنوعة، وكأن ما يحدث يحدث في كوكب آخر، أضف إليها محطة «دبي» ، ومحطتي «LBC» و«MBC» .

 أما الفضائيات اللبنانية بمختلف تياراتها وتوجهاتها فقد تابعت الحدث بمستويات متفاوتة،  محطة «المستقبل» لم تغرق في صمتها طويلا ، فتاريخها السابق في المتابعة الإعلامية أعادها  عنوة إلى أتون الحرب على غزة، مع  بعض التمريرات المنوعاتية التي لا تليق بجريمة إسرائيل الكبرى، أما محطة «الجديد» فقد لاحقت الخبر أولاً بأول، وغطت الحدث، وتفاعلت إخبارياً، وخصصت مساحة للأغاني الوطنية وللحوارات السياسية، وعادت لتضبط الإيقاع  مع حلول العام الجديد ، محطة «OTV» واكبت الحدث بشكل متقطع عن طريق الحوارات ونشرات الأخبار، وتركت مساحة كبيرة للمنوعات الفنية والثقافية،  أما  محطة «المنار» وكعادتها لم تقف على الحياد، فما يحصل في غزة أكثر ما يعنيها، لأنها وكما تعبّر، تقف معها في الخط نفسه، خط المقاومة، فما يحصل في غزة هو السيناريو نفسه الذي شهدناه في حرب تموز 2006.المحطات السورية الرسمية والخاصة كانت حاضرة وبقوة في المشهد الفضائي العام للحرب على غزة، ليس على مستوى تغطية الحدث الإخباري، ولكن على مستوى عمق  الحدث، سواءً في الحوارات أو البرامج أو الأفلام، أما قناة الجزيرة فسجلت وكعادتها رقماً سحرياً في التغطية الإخبارية، عن طريق مراسليها الذين لم يناموا حتى هذه اللحظة، سواء في التغطية المباشرة، أو في الحوارات والبرامج الوثائقية، أو في جس نبض الشارع  العربي الغاضب.       

معلومات إضافية

العدد رقم:
386
آخر تعديل على الجمعة, 16 كانون1/ديسمبر 2016 16:39