رائد وحش رائد وحش

ربما.. وداعاً.. «تشرين الثقافيّ»

لم يتوّج قرار إيقاف الزّميل خليل صويلح عن إدارة ملحق «تشرين الثقافيّ» بردود فعلٍ تليق بثقافة تحترم حقّها في الدفاع عن حقّها في البقاء. ولم يصبح الحادث قضيّة رأي عام كما كان يمكن أن يكون لو أنّ للمثقّف فاعليّة نقدية. ولعل طريقة التعاطي مع الحادث تقول لنا ما هو المصير الحقيقيّ للثّقافة السّورية..

كلّ ما تمّ تناقله هو أنّ القرار اتُخذ بسبب نشر الملحق قصيدةً للشاعر قيس مصطفى، مع أنّها قصيدة لا تنزل على المعد غير المعتادة على الشعر، نظراً لكثافتها اللغوية، واستقرائها لأحوال عاشق في عماء حبّه المستحيل، موّزعاً بين أمكنة ومطارح في الخارج، وبين تشظيّات في الداخل، ممّا يعني حتماً أنّ هناك ممن يعملون بمنطق الدّسيسة قد اجتزأ مقاطع من سياقاتها، وقدمها على أنها الجرم المشهود!!
وأياً كان سبيل التقوّلات والتكهنات، تبقى المشكلة الأساسيّة في الشكل الذي قدّم به الملحق نفسه، بوصفه مالئ فراغ جسيم، أفصحت عنه إستراتيجيته السجاليّة، وطبيعته النقديّة، وهيهات أن تجد هاتان السمتان من يجرؤ على قبولهما بعدما دخلنا مرحلة الانحدار البنيوي الشامل، حيث بات التعتيم على العقلانية وأفكار التنوير نوعاً من إرضاء من لا يرتاحون إلا بوأد الرؤى الإبداعيّة، لتحصين قلاع التّخلف، وتمكين الجهل، في هذا الحضيض الذي سمّاه الماغوط: «حرية التكفير»!!
 إذاً، والأمر على هذه الشاكلة، بئسها من ثقافة!! وبئسنا من مثقفين!!
إذا كان الملحق، خلال عمره القصير نسبياً، قد سجّل رياديّته في المشهد السوريّ بسبب خلوّ هذا المشهد من مطبوعة تليق بالإنتاج الإبداعيّ في هذا البلد، فإنّ دائرة الخسارة المعنوية التي يرسمها بيكار القرار تطال: الثقافة الجديدة، والكاتب الجديد، والقارئ الجديد.. بمعنى آخر، تطال سورية الجديدة التي تبدأ في الأفكار والأحلام قبل أن تصبح ناساً وجغرافيا..
دعك من ذا وذاك، وانتبه للأعداد الهزيلة الصادرة من الملحق بعد خلع خليل، منذ أسابيع، لترى أية خسارة هذه التي نزلت بنا؟ في بلد اختير عاصمة للثقافة العربية، «يُرتكب» هذا القرار، مع نهاية عهد ولايته على الثّقافة العربيّة.. هل هذا هو الدرس الذي بات حرياً بنا أن نتعلّمه؟؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
385