رائد وحش رائد وحش

راسم المدهون: القصيدة العربية الجديدة ابنة حقيقية للحياة

راسم المدهون..
اسم بارز في الصحافة الثقافية العربية، وصاحب تجربة شعرية ثرية تنتمي إلى التيار المعروف بـ«شعر النبرة الخافتة»، لكنه قبل كل شيء فلسطيني حتى النخاع.. من مجموعاته: «عصافير من الورد»، «دفتر البحر»، «ما لم تقله الذاكرة»، «حيث الظهيرة في برجها».

• من خلال تجربتك في العمل السياسي مع فصائل المقاومة الفلسطينية.. كيف للكاتب أن يوائم بين همّه الإبداعي وهموم عامة؟
هي حالة شائكة، إن لم أقل أنها بالغة الحساسية. أن تكون مبدعاً معناه أن يكون سيرك في فضاء مفتوح فيما الالتزام بمعناه المتداول يشدّك بقوة نحو حالة من الجمود أو في الأقل إبطاء الخطوات.
ربما قلّل من تلك الأضرار أنني بطبيعتي أنفر من «الانضباط»، بل يمكنني التأكيد أنني لم أفعل ذلك يوما، ومع ذلك لقد استفدت من تلك التجربة كثيراً، بل لعلّني أراها اليوم الأساس الذي صقل تجربتي في الحياة والكتابة على حد سواء.
 
• كانت الصحافة الفلسطينية في طليعة الصحافة العربية، والأمثلة كثيرة جداً، ما الأسباب في تراجعها، وهل بإمكانها استعادة موقعها؟؟
الصحافة الفلسطينية هي ابنة الحالة الفلسطينية، وهي صعدت مع صعودها وانحدرت كثيرا مع انحسارها ودخولها حالة «انعدام الوزن» التي نعيشها اليوم. في الصّعود كانت هناك أسماء لامعة ومحترفة وتستند إلى مواهب (غسان كنفاني، ماجد أبو شرار، كمال ناصر)، وكانت الحالة عموماً أقرب إلى حالة تجريب يدفع بالجديد ويبحث عن المواهب والقدرات، فيما تقف «بقايا» الصحافة الفلسطينية بمعناها القديم عاجزة وتعيش حالة تآكل. وكي يكون كلامي واضحا لا بد من التنويه أننا أنا وأنت نقصد بالصحافة الفلسطينية تلك التي تصدر عن فصائل المقاومة ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية. مع ذلك ومع هبوط تلك الصحافة ثمة صحافة فلسطينية تواصل الحياة والتجدد تصدر هناك في فلسطين وخصوصاً الصحف اليومية وأهمّها في تقديري «الأيام». ما نفتقده حقاً وبوضوح هو الصحافة الكبرى، وأعني المجلات المتخصّصة (الكرمل، شؤون فلسطينية) فهذه توقفت وفقدنا بتوقفها منابر بحثية وإبداعية كان يمكن أن تثري حياتنا الثقافية عموما.
 
•تم تصنيفك نقدياً ضمن  التيار المعروف بـ«النبرة الخافتة» في الشعر الفلسطيني.. ما قولك؟؟
أن تكون شاعرا فلسطينيا في سنوات السبعينيات معناه أن تكون كالقابض على الجمر. كان السؤال في تلك المرحلة هو: كيف تكتب شعرا لا ينساق لسطوة الشعار وطغيان الهتاف العام والنشيد الجماعي. ذلك كله كان له معنى واحد محدّد هو أن تعيش أنت وقصيدتك في الظّل، وأن تواصل من ذلك الحيز المعتم حياتك الشعرية، أي أن تكون لك مقاومتك الخاصّة التي تتبرّأ من الصخب وتلوذ أكثر فأكثر بخفوتها وضعفها. أعتقد أن الشعر الفلسطيني تجاوز منذ زمن طويل تلك «اللغة المهرجانية» واستشرف ملامح حياة أخرى وتكويناً مختلفاً، وشعراء اليوم يولدون أصحّاء وقد أخذوا سلفا لقاحا ضد ذلك كله.
أهم ما يمكن ملاحظته في العقدين الماضيين هو اتساع مساحة هذا الشعر وتنوّع شعرائه رغم غياب النجومية على العكس من جيل الستينيات الذي أفرز شعراء أقل ولكنهم شعراء أكثر نجومية.
 
• انتقلت من التفعلية إلى قصيدة النثر.. ما الدوافع وراء هذا الانتقال؟؟
لا أستطيع أن أقول إنني انتقلت «تماما» من التفعيلة إلى النثر، فقد تضمّنت مجموعتي الأولى ما يقارب نصفها من قصائد النثر.
مع ذلك يمكن أن أقول أنني انحزت بشكل نهائي إلى قصيدة النثر، وقد حدث ذلك بهدوء ودون جدل صاخب مع نفسي.
 
• تواظب على كتابة المراجعات للمجموعات الشعرية الجديدة.. هل ترى  أفقاً للقصيدة العربية؟؟
 القصيدة العربية الجديدة أراها اليوم ابنة حقيقية للحياة، أصبحت مخلوقا من لحم ودم ولم تعد تطفح بالذهنية والأفكار العامة. مع ذلك هي تعيش حالة تجريب كبرى لا بد وأن تتضمّن في ثناياها الكثير من تعدّيات غير الموهوبين وتطاولهم ، والمشكلة كما هي العادة دائما أن ساحتنا الثقافية العربية تطفح بالتنظير الذي يحاول جذب الحالة الشعرية إلى قمصانه الجاهزة التي يريد إلباسها للقصيدة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
405