ربما!: سيموفنيات الملاهي الليلية

ساهمت الهواتف الخليوية، بحكم تقنياتها المتطوّرة، في نشر ثقافات هوامش لم تكن من قبل موجودة على حيز التأثير، منضمةً بذلك إلى التلفزة والإنترنت، ولعل ما تقدّمه بات بحاجة ماسة إلى وقفة خاصة لوضع الأمور في نصابها الحقيقي،

خصوصاً على صعيد نشر أغاني المرابع الليلية، إذ إنه من المريب حقّاً أن يتم تقديم تلك السفاسف والتفاهات على أنها طور من أطوار تطوّر الأغنية الشعبية. دعك من الألحان (لن نقول: المنهوبة من التراث!!)، ودعك من طرق الغناء، وتعال نفحص مواضيع تلك الأغاني، لنعرف حجم الكارثة المحيقة بنا حين نجد أن معظمها متخصص بالترويج للدعارة بشكل أساسي، كما لو أنه «برموشن» سياحي، فمن المطربات من تقول: «رش فلوسك هون وهون/ ولا تنس الإكرامية/ إكرامية للغرسون/ زودها خمسمية»، أو لدى أخرى: «وش ولّعك يا قليبي ببرزة والتجارة؟؟»، وهي أماكن تشيع فيها بيوت الهوى، كما هو معروف طبعاً. أو غناء أحدهم عن حبيبته الشاحبة ومقارنتها بـ«لميس» نجمة المسلسل التركي "سنوات الضياع"، حيث يدعوها إلى القيام بتحليل طبي لأنها أصبحت، مثل شخصيات مسلسل «الخط الأحمر»، مصابة بالإيدز. هنا لا نلتمس شفاعة للطرافة ذلك أنها إحدى تقنيات الاتصال مع المتلقي، فهي أسلوب أكثر منها قيمة فنية، والمضمون كما في النماذج العشوائية المذكورة يحمل دلالات كبيرة على عطب في روح الإنسان ومعناه، فالحياة، حسب هذه الأغاني، من أجل المال فقط. والمرأة لا تعني أنها أكثر من امرأة رخيصة لا تريد إلا أن تباع وتشترى في مزاد علني كما في قول المغنية التي تسترضي زبائن المحل: «جانا الغالي من الكويت/ بدو طرب وأحلى بيت». هي تقول ذلك في محل رزقها، وهذا شأنها وشأن زُبنها!! أما بخصوصنا نحن الذين في بيوتنا فلا علاقة لنا بتجارة الرقيق الأبيض، وجل ما نخشاه أن يجعلنا زخم الأجساد في تلك الحفلات المصورة على الهواتف المحمولة أن يكون بيننا من يتوّهم أن علب الليل هي المكان المثالي لوقوف الإنسان على معناه العاطفي، ما دام كل شيء، بما في ذلك الإنسان نفسه بعدما صار شيئاً، قابلاً للبيع والشراء.

معلومات إضافية

العدد رقم:
406