«قاسيون» تلتقي القاص عبد الله عويشق: التسلطان الرأسمالي والسلطوي أحدثا عائقاً ما بين الإنسان والفن

أجرت «قاسيون» لقاء مع واحد من كتاب حقبة الخمسينات والستينات هو القاص عبد الله عويشق الذي كان أحد المبدعين في مجال القصة القصيرة إلى جانب سعيد حورانية وحسيب الكيالي والدكتورة ناديا خوست، يوم كان عضواً في رابطة الكتاب السوريين التي تحولت فيما بعد إلى رابطة الكتاب العرب عندما انضم إلى صفوفها في بداية الستينات كبار الأدباء العرب من مصر ولبنان والعراق، كما أنه أحد مؤسسي رابطة الكتاب الشباب وكان أحد النشطاء المشاركين في إنجاح الندوة الأدبية التي كانت تقام أسبوعياً في جامعة دمشق خلال تلك الفترة باعتباره متحدثاً بارعاً وقاصاً مرموقاً، ورغم أنه لم يصدر أية مجموعة قصصية مستقلة إلا أن إنتاجه نشر في تلك الفترة في العديد من المطبوعات.

وفيما يلي نص المقابلة مع القاص عبد الله عويشق:
 في الخمسينات والستينات من القرن الماضي كان الأستاذ عبد الله عويشق واحداً من فرسان القصة القصيرة في سورية رغم شح النتاج القصصي له، فما هو سبب هذا الشح: أتراه ضعف وسائل النشر أم أنه يعود إلى الأجواء الأدبية السائدة؟

أدباء لجديد الغد
بداية، نحن أبناء بعض القديم وخصوصاً أبناء ما كان جديد يومه. بمعنى أننا مطالبون إنسانياً بأن نقدم جديد يومنا بما يجعلنا أدباء لجديد الغد.

لكن ماذا يعني ذلك للأدب كفرع فني وللفن عموماً؟.. ثم لماذا الفن اليوم؟ وما موقعه من الحياة؟..
لا شك في أن القدرات العقلية للإنسان تطورت تطوراً أتاح له أن يطال بذراعه أخر كواكب المجموعة الشمسية، ولكن ذلك تم على حساب تنمية قدرات الإنسان على إنتاج الجمال وعلى اكتشافه حوله وتلقيه. لا لأن الإنسان فقد قدرته الذاتية على التمتع بالجمال، إنتاجاً وتلقياً، بل لأن التسلطين الرأسمالي والسلطوي أحدثا عائقاً ما بين الإنسان والفن، لدرجة أن ما من أحد قادر فعلاً على أن يحكم بأن هذا العمل فني ما لم يقترن بقيمة مادية معينة عالية أو برضا السلطان ومداهنيه. البقية ص 11
أما فيما يتعلق بالوضع الإقليمي، فما زلنا نتداول السؤال: من مثقف؟ وذلك بعد انقضاء ما يقرب من نصف قرن على مصادرة وسائل التعبير.
في الأربعين عاماً الأخيرة ظهر عدد قليل من الكتاب في سورية هم : د. هاني الراهب، حيدر حيدر، وممدوح عزام، وما من أحد منهم إلا وتعرض للإجحاف وفي أحسن الأحوال العجز عن فهم ما كتب.
أما فيما يتعلق بي فحكاية الفرسان إياها في الخمسينات لا لزوم لها، يومها كنت أبحث عن ملامسة القصة لا أكثر.

الترجمات التي نقلتها عن الفرنسية لصالح وزارة الثقافة، ما هو موقعها في سياق تكوين ثقافة سينمائية أكاديمية؟

إعادة الحياة للنشاط الثقافي الحركي
 تلك الكتب تتجاوز أهميتها المجال السينمائي البحت، لأن السينما محل هندسي تجمعت فيه كافة الفنون التي سبقته. إلا أن هذه الكتب ومعها كل السلسلة تحتاج إلى إعادة الحياة للنشاط الثقافي الحر كي تؤدي وظيفتها.
على أية حال، إذا حدث وأنشئ في سورية معهد للفنون السمعية البصرية فالسلسلة التي أصدرتها مؤسسة السينما ستمثل ثروة لا بالنسبة للمعهد فقط، بل ستجعل سورية أفضل البلدان العربية تجهيزاً في هذا المجال، لا شك في أن اختيارات الأستاذ الشاعر بندر عبد الحميد لهذه المراجع يعبر عن إحساس صائب ونفاذ بصيرة.

 كنت خلال سنوات طويلة لصيقاً بالروائي السوري المعروف المرحوم سعيد حورانية، ما هو تقييمك للمرحوم سعيد: كاتباً وإنساناً؟

قصة جيل مع الوطن

 كنت أفضل ألا أتكلم عن المرحوم الصديق سعيد حورانية على هذا النحو، جواب على سؤال في جريدة. وذلك أن علاقتي مع الأستاذ سعيد كانت لا قصة صداقة بين شخصين، وإنما قصة جيل مع الوطن. كانت استكشافاً لحب الوطن واستكشافاً للذات في آن معاً.
على أية حال سأكتب عن سعيد كفتى في أول الخمسينات، في القصة والحياة. كان سعيد رائداً في القصة القصيرة السورية. بالتوازي مع المرحوم محمد حيدر من السلمية أيضاً، كل منهما وفق منحاه، فكلاهما طرح إحساس الفرد ومحاكمته لشرطه الإنساني كبطل للقصة القصيرة، في مقابلة ومعارضة الحكاية شبه التربوية التي كانت سائدة. يتميز سعيد أيضاً بالميل التزييني الذي تتسم به كتابة الأدباء الدمشقيين، ومنهم عادل أبو شنب، والدكتورة ناديا خوست، وينعكس ذلك في بعض قصصي.
ذات يوم سأكتب عن هذه الأمور على نحو مفصل أكثر فائدة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
162