مئة عام على ولادة ناظم حكمت

صادف يوم الخامس عشر من شهر كانون الثاني الماضي الذكرى المئوية لولادة الشاعر التركي العظيم ناظم حكمت، وبهذه المناسبة أعلنت منظمة اليونسكو اعتبار عام 2002 عامَ الاحتفال بهذا الشاعر، وتكون بذلك قد أحيت هذه الشخصية العالمية وأعطته حقه، قبل أن يناله في وطنه تركيا.

إن أبا محمد يعود كعادته كبيراً، لكن عودته لاتزال منقوصة تملؤها غصتان:
* غصة تلك القرية الأناضولية التي ولد فيها، والتي لم تستطع حتى الآن احتضان رفات ابنها البار، إذ ما زال مسجى في مقبرة «نوفوديفيشيه» بموسكو.
* وغصة المواطنية التي انتزعت منه ولم تجد سبيلاً للاهتداء إلى صاحبها.
لقد عاش ناظم حكمت حياة قاسية صعبة، إما سجيناً في وطنه أو غريباً خارجه، وهاهو ذا اليوم يعود أكثر جللاً وأكبر قامة وأعلى هامة، حيث تقدم الوفود إلى بلده الذي أنجبه، وفي وطنه لم يبق قلم أديب أو صحافي، أو حتى سياسي إلا وكان لها دلوها.
لقد عرف ناظم حكمت بأنه كان مناضلاً سياسياً كبيراً وعنيداً وصلباً، وكان في الوقت ذاته مبدعاً كبيراً أيضاً، فهو الشاعر الذي حقق الثورة الأهم في الشعر التركي المعاصر، وكان أبا الحركة التجديدية التي عنوانها «التفعيلة الحرة» والتي  استفادت من حركة التجديد الفرنسية ومن الحداثة الروسية، كما أنه أغنى الشعر التركي بالمفردات التي لم يستخدمها أحد قبله. لقد كان حقاً شاعر التجديد في الشكل وفي المضمون حيث تطرق شعره لأول مرة إلى مختلف مجالات الحياة الإنسانية. لقد كان شاعر الفقراء والكادحين مع أنه كان سليل أسرة ثرية.
إن اعتبار عام 2002 هو عام الاحتفال بذكرى هذا الشاعر الوطني والأممي جعله يخترق الحواجز التي وضعتها الحكومات التركية المتعاقبة، ويدخل من جديد كل بيت تركي، ويحط في قلب كل محبيه..
إن ناظم حكمت في الذكرى المئوية الأولى على ولادته، لايزال غريباً عن وطنه، ولا يزال اسمه في «قوائم الإرهاب» الكمالية، فهل ولد هذا الشاعر في غير زمانه وفي غير مكانه؟ إن شجرة الدلب المنتصبة في إحدى قرى الأناضول تشهد على ذلك، إنها ما زالت تنتظر منذ 38 عاماً عودته إليها..    

معلومات إضافية

العدد رقم:
168