ستيركوه ميقري ستيركوه ميقري

أين الشعر؟؟

الشعر برأي أيها القارئ العزيز ليس سوى تصوير للواقع والمشاعر والأحاسيس،  ولكن بأدوات غير واقعية، ومما لاشك فيه أن اللغة هي الأداة الرئيسية التي يعزف الشاعر على أوتارها أجمـل الألحان الشعرية، وأنت  تعــاف الشعر إن تخلى عن خياله وصوره واكتفى بالتصوير وبالمعاني المباشرة، فيتحول الكلام الى مجرد  كلام لا لون له ولا رائحة، وتفقد اللغة عذوبتها وجمالها، حتى ولو التزم الشاعر بالأصول الأولى للشعر الوزن والقافية.

هذا من حيث مضمون الشعر، ولكن ماذا عن  الشكل؟ أي شكل الشعر وعلاقته بالمضمون.
لقد طرأ تغيير على العمود التقليدي للقصيدة العربية، فجاءت قصيدة التفعيلة لتعطي شكلا   جديدا غير مألوف، فتخلصت من بحور الفراهيدي وحافظت على القافية المتعددة أحيانا في صلب القصيدة، وحافظت على الموسيقى في النظم  باسخدام  تفعيلة واحدة للقصيدة كلها.
ولكن يبدو أن هذا التطور لم يكن كافياً بالنسبة للبعض، فابتدعت مقولة أن الشعر مات بعد المتنبي، وأن مرحلة الحداثة التي نمر بها تفرض علينا أن نتخلص من  هذه القيــود المفروضة على شكل القصيدة، بحيث نخلصها نهائيا من قيود الوزن والقافية، لنحرر الشعر العربي منها وندعه يبحر نحو الحرية،  فأحدثت ما تسمى الآن قصيدة النثر، وتحول النثر بقدرة قادر الى شعر أو ما يسمى  بالشعر المنثور.
وبالتالي يحق لكل من يرنو لمعرفة الحقيقة أن يتساءل هذا السؤال المشـروع وهو يقرأ النص التالي، وعنوانه «قديسك أنا» المنشور في صحيفة الديار اللبنانية الصادرة بدمشق بالعدد رقم 7497  تاريخ 19112009 وهو:  أين الشعر, وفي الحقيقة  فـإن هذا النص استفزني كثيرا مع كل احترامي لكاتبه, فقد لمست مباشرة أن النص مكتوب على عجل وخلال دقائق معدودة لا أكثر، وقد أستسهل الكاتب أو الناظم لهذا النص الكتابة،
متغافلا عن قصد وربما دون قصد أهم مقومات الشعر، وهو الخيال واللغة الشعرية، واللغة الشعرية سمة لابد من توفرها في النص ليقال عنه بأنه قصيدة شعرية، وبغض النظر فيما إذا كان النص أو القصيدة عمودية أو تفعيلة أو شعراً منثوراً، لذلك طرحت على نفسي هذا السؤال المشروع: أين الشعر، وللمساعدة في الإجابة عـلى هذا  السؤال بادرت الى تحويل النص المنثور إلى  قصيدة عمودية تحت العنوان نفسه، محافظاً في الوقت نفسه على  مضامين النص النثري، و علـى أغلب التعابير والكلمات المستخدمة فيه. وأترك لك أيها القارئ العزيز الإجابة عن هذا السؤال الكبير: أين الشعر؟

قديسك أنا
حياة يا حياتي                                   
قبل أن ألتقيك                                  
كنت في غيبوبة لا قيام منها
جميع الأطباء الذين عاينوني
أجمعوا أنني لن أعيش
وان ساعتي دنت
رفعت الصلوات والتضرعات
وصفوا لي العسل والمن والسلوى
استعانوا بالسحرة وعلماء الغيب والفلك
استنفذوا كل الطر ق والوسائل
إنما أغفلوا علاجي عن طريق الحب
أنت علاجي ودوائي وشفائي
الحب علاجي ودوائي وشفائي
الحب علاج سحري
فقط الذين يؤمنون به ينالون الشفاء
الحب معجزة
وليست كل الآلهات مخولة صنع العجائب
الحب مقدس
ولا أي قديس يعرف كيف يمارس الحب
أنا قديسك يا حياتي الحب هو نشأتي وصناعتي            
قلة من يقدر الحب والحياة                                   
أما أنا فمؤمن فيك              
لأن شعورك لامس قلبي فشفيت


نص بديع ناد المنشور في جريدة الديار العدد7497 تاريخ 19/11/2009.



قديسك أنا

لأني يا حياتي رميت سقما  
                أعيش وبلوتي ذابت بذاتي
يشردني الشقاء على شقاء 
                الى غيبوبة فيها رفاتي
ولما عاين الأصحاب سقمي 
                وأيقن كلهم حتما مماتي
واني لن أعيش بلا دواء    
                وما كنت التقيتك يا فتاتي
وقد أعيا  الأطباء علاج     
                ومالت عنه كل الشافيات
أضافوا المن والسلوى ولكن
                مع الاعسال في بعض الفتات
وقد سدت لهم  كل الدروب 
                وهانت في وسائلهم حياتي
وآسيت الضنى من محل غيمي      
                وقحطٍ لا يغادر أمنياتي

وهكذا....

معلومات إضافية

العدد رقم:
431