قانا.. زهرة الشوك.. صرخة الأمل..

النار التي ما انفك يزرعها في البراري والحقول والقرى المتكئة على خاصرات التلال، ستتفجر عما قليل بركاناً في وجهه الخالي من القسمات.. وصرخات الألم الناعمة لصغار كانوا يحلمون بألوان ناصعة الفرح.. والأزهار البرية التي كانت تشمهم ويشمونها في طقس حميمي، وجاء من عالمه الرمادي ليقذفها بالأساطير المستبدة، ستولد بعد رحيل الحديد على أصوات البلابل في رحم الأغنيات..

ارحل أيها العابث العابر على شرفات الربيع، فليس على هذه الأرض المقدسة التي تطأها بجنازيرك اليابسة وطيورك المعدنية التي ترسل الحمم أي متسع لخرافتك الوحشية وأوهامك التي تمضي بك إلى الهلاك ..ارحل عن هذه النسائم وعن هذه السماء.. ارحل عن بساطة هذه الأناشيد التي يداعب فيها الرعاة والزارعون جسد الطبيعة.. فما من عتابا لك ها هنا، ولا ميجنا، ولادروب صغيرة توصلك إلى النبع خلف التلة، أو إلى مقبرة العائلة.. أنت مجرد لص هارب حط رحاله بيننا رغماً عن أعشاش اليمامات، وغداً سوف تطرده حجارة الأودية وأشواك المراعي ورعود المطر المدوية..

قانا.. زهرة الشوك.. وصرخة الأمل والنصر القادم مع تراتيل البيوت الحجرية أيها الغريب..

قانا.. دمعة الفرح الذي يخب إلينا رويداً.. رويدا

قانا.. صيحات الرجال العائدين من النزال، وعلى أكتافهم ورؤوسهم الياسمين والغار..

قانا.. أولئك الذين سيحملون المناجل والمطارق بسواعدهم السمراء القوية، ويعيدون ترتيب المكان الذي ملأته بالفوضى..

قانا.. أيتها الحبيبة التي أنهكها الانتظار والوعد..

الحرية تبدأ عندك.. ومنك.. ولاتنتهي أبدا..