ماذا تقول يا صاحبي؟.. المغطس الحامي

■ ترى أتذكر قول الشاعر د. وجيه البارودي:

لقد ضل قومي فقاسوا الرجال            بما يملكون وما يكنزون

وخالفت قومي فقست الرجال             بما يعملون وما يعلمون

●● نعم أذكر ذلك.. وهو من أشعاره القديمة وأظن أنه قيل قبل أكثر من خمسين عاماً.. ولكن ماالذي جعلك تستعيده الآن؟

■ أعاده إلى ذاكرتي حدث مررت به قبل أيام قليلة.. وخلاصته مايلي: أمامك مغطس حام، فتحمل أن كنت تتحمل.. بهاتين العبارتين تلقاني أخوك أبو ياسين وأنا أقترب من باب بيتك وللحق أقول: لقد باغتني بهذا الكلام فأنا ـ كما تعرف ـ لم يسبق لي أن دخلت أي حوار أو نقاش أو حتى كلام أكثر من قولي له في  السابق: صباح الخير.. أو .. مساء الخير.. فعلاقتي به عابرة وهي علاقة مصادفة في طريق أو مكان عام.

●● لاتستغرب ذلك، فأخي أبو ياسين يعرف عنك الكثير فلطالما حدثته عنك منذ أن كنا طلاباً في الجامعة.

■ المهم هو أنني ما إن استوضحته حقيقة قوله عن المغطس الحامي والتحمل إن كنت أتحمل، حتى اندفع كالسيل الهادر بمقدمة ألقاها ـ رشاً ـ  وأتبعها ـ دراكاً ـ بأسئلة تتابعت دون أن يدع لي متسعاً للإجابة، وكأنه يسعى لإزاحة كابوس جاثم فوق صدره. ولولا أن نادته ابنته التي كانت تنتظره قرب الدار، لكنت في موقف حرج في الرد على أسئلته وقد تركني وهو يقول: سأراك في القريب العاجل وأستمع إلى إجاباتك.

●● ما المقدمة؟ وما الأسئلة التي طرحها عليك؟

■ المقدمة هي أنه قرأ في أحد الكتب أن الذي يُسأل عن شيء يعرفه ولا يجيب بصدق وصراحة فهو إما جبان لا نفع به أو فيه أو شيطان أخرس أو الأصح ـ حسب قوله ـ انتهازي نفعي يساهم في انتشار الانتهازية فيما حوله، أي هو حامل لفيروسها!!

●● هذا فهمناه.. فما الأسئلة التي طلب إجابتك عنها؟

■ الأسئلة كثيرة جداً.. أتذكر منها:

- هل نحن مظلومون؟ ومن يظلمنا؟!

- هل لنا ألسنة ومن الذي عطلها وشلها؟

- هل نملك فكراً سليماً؟ ومن شوهه؟!

- هل نمتلك عاطفة ورغبة عارمة في أن نحِّب وأن نحَّب؟ ومن الذي قتلها؟!

- أليس لنا مطالب حقة ومشروعة تتعلق بمعيشتنا وحريتنا وكرامتنا..؟ فما الذي يعيق طرحها والسعي الجاد لتحقيقها؟ ماالذي يمنعنا من الجهر بها؟ ولماذا نتردد؟ وإلى متى نظل نخاف؟!

وفي مجال الشعر سألني أن أشرح قول الشاعر:

خلّ الملامة لا تثر أحقادي           فاللوم أولى أن يزيد عنادي

إني لأعلم أن دربي شائك            وعرٌ يقضّ مضاجع الرواد

وبأن أعدائي الطغاة غليظة          أكبادهم يقفون بالمرصاد

وحتى لا أكون انتهازياً ـ كما قال أخوك ـ فبماذا أجيبه؟

أو بصراحة أكثر.. لو كانت هذه الأسئلة وما شابهها موجهة إليك فماذا تقول يا صاحبي؟!!

■ محمد علي طه

 

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.