إحراق الأوراق الثقافية.. «ناقد ما نقدش حاجة»

«ناقد ما نقدش حاجة»  قالها صديقي، عن أحد النقاد المسرحيين المعروفين في البلد، إلاّ أننا سرعان ما اكتشفنا أنه لا يوجد أي ناقد مسرحي معروف في البلد له إرث نقدي واضح المعالم..

فمهنة النقد هذه الأيام تتوزع على مجموعة من النقاد الصحفيين الذين ينقدون كل شيء ابتداءً بالسينما والمسرح والشعر والرواية، ويقومون بعرض الكتب ونقدها في الصحف الخليجية، وقد أضيف بعض النقاد المختصين بالحمضيات مؤخراً إلى حركة النقد الثقافي.

إن من يفتح صفحات الجرائد هذه الأيام يجد مقالات، أبعد ما تكون عن النقد.  فالنقد هذه الأيام هو خلطة غريبة عجيبة من النكت الساذجة، والقراءات الإنطباعية، والإنشاء .. ثم الإنشاء .. ثم الإنشاء.. فالكاتب يقدم قصة المسرحية مبسطةً، ثم يقوم بعرض الشخصيات المشاركة، لينتقل بعد ذلك، إلى إبداء رأيه بشكل شخصي حول العرض، ولم تختف إلى يومنا هذا عبارات من نوع «تحكي المسرحية حكاية »...« حَلَّق المخرج .. واستطاع أن يأخذنا معه إلى أماكن لم نطأها من قبل»، «وتجاوز الممثل أو الممثلة نفسهما في العرض السابق»، «أما الديكور فكان جميلا»، «الموسيقى أثارت فينا إحساساً بالفرح»، «الأداء كان متمكناً .. لا بل متمكناً جدا».

أما تقديم قراءة حقيقية للعرض، فهذا أمر بعيد عن التحقيق.

وفي المقابل يتمترس النقاد الكبار، خلف حصونهم، الواهية، ويقيمون من داخل بيوتهم الحركة الثقافية، وإن من يعود ويراجع التاريخ النقدي للنقاد الأكثر شهرة، سيجد أن جميعهم، لم يقدم تحت ثقل عبارة ناقد أي مقال او قراءة أو دراسة نقدية لما يزيد على عشر سنوات.

في الكثير من البلدان يعتبر الناقد المسرحي جزءاً لا يتجزأ من شباك  التذاكر لأي عرض مسرحي أو سينمائي، وهو دافع هام في شراء كتاب.. وفي بعض الدول يترجى المخرج أو الكاتب، ناقداً إما لأن يحضر عرضه، أو يدس ببطاقة لحضور العرض خفية في جيبه عسى ولعل، والمقال الذي يكتبه الناقد هو دافع هام للارتقاء بالحركة الثقافية ككل، ويكتسب الناقد لقبه عن طريق الممارسة العملية لعملية النقد، وهذا اللقب يحمّله مسؤولية كبيرة أمام العروض التي يحضرها، وأمام الجمهور.

■ عمرو سواح 

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.