إحراق الأوراق الثقافية: رمضان 100 معركة خاضتها الدراما السورية:

في إحدى المسلسلات التاريخية التي صورت قبل عام، دارت الكاميرا فخرج أحد الكومبارس مع جيشه، في غزوة وهجم بكل قوة على معقل الأعداء، فيفاجأ بأحد الممثلين يخرج من خيمته ليؤدي دوره صارخاً، فما كان من الكومبارس إلاّ أن صرخ مثله خائفاً ورفع سيفه بكل قوته وأطاح برأس الممثل الشاب، ليقع الممثل أرضاً وهو يتلوى من الألم، فترتسم شبه ابتسامة على وجه الكومبارس مشوبة ببعض الخوف، قبل أن تنهال على الكومبارس طلائع منفذي الإنتاج وتمنعه من أن يخلص على الممثل الشاب الذي أصيب في رأسه، وتتقدم فيالق الممثلين لتطمئن على صحة الممثل الشاب(الراكور) في الممثل.

ما يهمني في هذه القصة هو ماذا كان يريد هذا الشاب في تلك اللحظة بماذا كان يفكر؟ هل اعتقد ولو ثانية أن يخوض حرباً حقيقية، هل يعتقد الممثلون بعيداً عن كل كتب فن التمثيل قواعده وأصوله وتقنياته، أنهم ولو لثانية أنهم يخوضون حرباً حقيقية.

لكن الصورة التي نتخيلها لن  تستمر حين نعرف أن الآلاف المؤلفة من الجند التي تظهر على شاشة التلفزيونات في المعارك ليست سوى تكرارٍ لنفس الصورة عن طريق الكومبيوتر، وأن الدماء ليست إلاّ دواءً أحمر، والرؤوس المقطوعة ليست إلاّ جصاً وطيناً، وأن المتنبي كان قصيراً،  وأن صقر قريش لا يشبه جمال سليمان إلا بخصل الشعر المتدلية من تحت حطته، وأن الجنس والخمر في عمر الخيام غُيبا لأسباب رقابية، ليتحول عمر الخيام إلى الأم تيريزا.

هل انتصرنا حقاً في موقعة حطين في رمضان الماضي، أو موقعة عين جالوت في رمضان هذا، هل حكم جمال سليمان صقر قريش الأندلس في رمضان هذا العام، هل شعر سلوم حداد بقشعريرة بعد أن ألقى إحدى قصائد المتنبي.

بعد عرض انتصاراتنا آن الأوان لنعرض هزائمنا...

والتاريخ يصرخ يتألم ويتلوى بين أيدي ممثلينا، ومخرجينا، ما الذي نريده من كل هذا التاريخ، ما الذي سيتبقى للأجيال المقبلة إن أرادت أن تقوم بتقديم شخصية تاريخية.

■ عمر سواح

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.