هشام الباكير هشام الباكير

من التراث من نوادر العرب

1-ادعى رجل النبوة في زمن خالد بن عبد الله القسري  و عارض القرآن ، فأتي به إلى خالد فقال له:

ما تقول؟ قال: عارضت القرآن، قال بماذا؟ قال: قال الله تعالى ( إنا أعطيناك الكوثر■ فصل لربك وانحر■ إن شانئك هو الأبتر) وقلت: ( إنا أعطيناك الجماهر■ فصلّ لربك وجاهر■ ولا تطع كل ساحر) فأمر به خالد فضرب عنقه وصلب، فمرّ به خلف بن خليفة الشاعر، فضرب بيده على الخشبة وقال: (إنا أعطيناك العود■ فصل لربك من قعود■ وأنا ضامن لك أن لاتعود)..

2- وتنبأ رجل فطالبوه بحضرة المأمون بمعجزة، فقال: أطرح لكم حصاة في الماء فتذوب. قالوا: رضينا، فأخرج حصاة معه وطرحها في الماء فذابت، فقالوا: هذه حيلة و لكن نعطيك حصاة من عندنا ودعها تذوب! فقال: لستم أجل من فرعون، ولا أنا أعظم من موسى! ولم يقل فرعون لموسى لم أرض بما تفعله بعصاك حتى أعطيك عصا من عندي تجعلها ثعباناً، فضحك المأمون وأجازه .

3- وتنبأ آخر في زمن المتوكل، فلما حضر بين يديه، قال له: أنت نبي؟ قال: نعم، قال المتوكل: فيما الدليل على صحة نبوتك؟ قال: القرآن يشهد بنبوتي في قوله تعالى (( إذا جاء  نصر الله والفتح)) و أنا اسمي نصر الله! قال : فما معجزتك؟ قال ائتوني بامرأة عاقر أنكحها تحمل بولد يتكلم في الساعة ويؤمن بي، فقال المتوكل لوزيره الحسن بن يحيى: أعطه زوجتك حتى تبصر كرامته، فقال الوزير: أما أنا فأشهد أنه نبي الله وإنما يعطي زوجته من لا يؤمن به.

4-  وتنبأ رجل يسمى نوحاً، وكان له صديق نهاه فلم يقبل، فأمر السلطان بقتله، وصلبه فمر به صديقه فقال له: يا نوح ما حصلت من السفينة إلا على الصاري .

5-  وقع بين الأعمش وبين امرأته وحشة، فسأل بعض أصحابه من الفقهاء أن يرضيها ويصلح بينهما فدخل إليها وقال: إن أبا محمد شيخ كبير فلا يزهدنك فيه عمش عينيه، ودقة ساقيه، وضعف ركبتيه، ونتن إبطيه، وبخر فيه، وجمود كفيّه، فقال الأعمش : قم قبحك الله فقد أريتها من عيوبي ما لم تكن تعرفه .

6-  وسكن بعض الفقهاء في بيت سقفه يقرقع في كل وقت، فجاءه صاحب البيت يطلب الأجرة فقال له: أصلح السقف فانه يقرقع، قال صاحب البيت: لا تخف فإنه يسبح الله تعالى، قال الفقيه: أخشى أن تدركه رقّة فيسجد.

7- حكى الجاحظ، قال: مررت على خربة فإذا بها معلم وهو ينبح نبيح الكلاب، فوقفت انظر إليه وإذا بصبي قد خرج من دار، فقبض عليه المعلم وجعل يلطمه ويسبه، فقلت: عرفني خبره، فقال: هذا صبي لئيم يكره التعليم ويهرب ويدخل الدار ولا يخرج، وله كلب يلعب به، فإذا سمع صوتي ظن أنه صوت الكلب فيخرج فأمسكه.

8- وكان لبعضهم ولد نحوي يتقّعّر في كلامه، فاعتل أبوه عّلة شديدة أشرف منها على الموت، فاجتمع عليه أولاده وقالوا له: ندعو لك فلاناً أخانا، قال: لا إن جاءني قتلني، فقالوا نحن نوصيه أن لا يتكلم، فدعوه فلما دخل عليه قال له: يا أبت قل لا إله إلا الله تدخل الجنة وتفوز من النار، يا أبت والله ما أشغلني عنك إلا فلان فإنه دعاني بالأمس فأهرس، وأعدس، واستبذخ، وسكبح، وطهبج، وأفرج ودحج، وأبصل، وأمضر، ولوزج، وافلوذج، فصاح أبوه: غمضوني فقد سبق ابن الزانية ملك الموت إلي قبض روحي.

 9- مر عمر بن عبيد بجماعة وقوف  فقال: ما هذا؟ قيل: السلطان يقطع يد السارق، فقال: لا اله إلا الله، سارق العلانية يقطع سارق السّر.

10- سرق مدني قميصاً فأعطاه لابنه يبيعه في السوق، فسرق منه، فجاء له فقال: بكم بعته؟ فقال الابن: برأس المال.

11- وكان لعمرو بن دويرة البجلي أخ قد عشق بنت عم له، فتسور عليها الدار ذات ليلة (قفز من فوق السور) فأخذه أخوتها وأتوا به خالد القسري، واتهموه بالسرقة، فسأله خالد فصدقهم ليدفع الفضيحة عن حبيبته، فهمّ خالد يريد قطع يده، فقال عمرو أخوه:

أخالد قد والله أوطئت عشوة

وما العاشق المظلوم فينا بسارق

أقرّ بما لم يأته المرء  أنه رأى

القطع خيراً من فضيحة عاشق