مهند الشعبي مهند الشعبي

هل فراس إبراهيم في حضرة الغياب؟

لا أحب السجال، ولا الإقناع بالقوة، ولا التعميم، ولا التجييش، ولا الابتذال اللفظي، ولا الشخصنة، أفضل الاشتغال على انتقاد العمل بنقاط فنية وفكرية ومعرفية كيلا نخسر موضوعيتنا في التلقي والتواصل.

أدعو إلى توسيع دائرة الوعي والسيطرة على الانفعالية والحماسات لترجمة تلقي هذا العمل إلى انتقادات تبين لماذا أنا مع أو ضد، بعيدًا عن مصادرة حق الآخر، وهذه تسمية آنية أرفضها بالمطلق، في المشاركة في الفكرة أو الرأي والاختلاف.

إن الانغلاق حتى في طريقة التعبير يجعلنا أسرى فكر مغلق لا يتعدى حواره حدود حوار الطرشان، ولذا أدعوكم ألا تتخلوا عن آرائكم، لكن اطرحوها في لغة موضوعية تبعد خطابنا عن الشتائم وعن الابتذال الشخصي، وعن السقوط في عبثية الذات المنفعلة.

المبدع محمود درويش ليس نكرة حتى في غيابه، فهو قادر على البقاء في مكانه، ويستحق منا هذا الحب لكن بطريقة فلسطينية درويشية منفتحة على الوعي، لا على الحماسة المنفلتة من جمالياتها، وفي هذا السياق أذكركم بمقالة كان كتبها في الأرض المحتلة يدعو فيها قراءه ونقاده إلى التحلي بالموضوعية والانفتاح على النقد، لا الانغلاق الفكري تحت سطوة الحماسة والتعصب وتأليه الذات، وهي بعنوان: «أنقذونا من هذا الحب القاسي» وهي مقالة تستحق القراءة.

المبدع محمود درويش لم يوقع ذاته الخلاقة في مستنقعات السجالات والمهاترات حتى في ذروة الإلغاء القومي والوطني والديني، فالإبداع في عقيدته الجمالية فعل مقاومة خالد قادر على المواجهة والبقاء.

أما رأيي المبدئي فيما قام به فراس إبراهيم فيتلخص في الآتي: الدراما العربية ناتج أيديولوجي، وبعضها ناتج سياسي مرحلي، ووقوع الأدب والفن تحت سطوتهما يؤدي إلى رواية لا حقيقة، وإلى انتقائية فاجرة لا تخدم الصورة التاريخية للمبدع في مقاربتها للصدقية والأمانة، بل تخدم منتجه المحكوم برؤية رقابية يتبع لها، وبحق نحن لا نكتب تاريخًا بحيادية بل نرويه من سطوة الغواية، أما البناء الفني للعمل فمن الخطأ الاشتغال عليه قبل إتمام عملية المشاهدة، ومن بعد ذلك يتأسس جواب هذا السؤال: هل فراس إبراهيم العمل الدرامي في حضرة الغياب؟