محمود كمال بكو/ حلب محمود كمال بكو/ حلب

أميمة الخليل: حين تمر صورتي بين العارضات المغنيات أشعر بالقرف

صوتها الدافئ يرحل بك إلى فضاء الجمال والألق، ملتزمة بالروعة وبالبهاء.. متواطئة مع الأرض والإنسان ضد الاستغلال.

أميمة الخليل مواليد الفاكهة (بعلبك) 1966، صدر لها حتى الآن ثلاث مجموعات خاصة بالإضافة للعديد من الأغنيات مع مارسيل خليفة. ثلاثون عاماً وهي تمرن وتحرض الأغاني على الرصاص، ولا تساوم على الرقي أبدا..

أثناء جولتها التي شملت حلب بالإضافة إلى جنيف وبيروت كان لنا هذا اللقاء بها..

• في الأمس القريب وأميمة الطفلة تدندن أغاني السيدة فيروز وترنو إلى عرشها العظيم.. الآن أين هي من أحلام وهواجس تلك الطفلة؟

 لا أريد أن أقول بأني بعيدة عن تلك الطفلة ولكن الفن يحتاج إلى الصبر والتأني عدا عن هذا الجو الموبوء الذي نعيش فيه... ودائماً ثمة ما يعيق تأملاتك وتطلعاتك وطموحاتك وما تحب أن تكون ولكني عنيدة وصلبة بصلابة صخور بعلبك حيث ولدت. ومازلت مصرة أن أثبت موقعي في الخارطة الفنية العربية... لا يمكنني القول بأني حققت أحلام أميمة الطفلة كلها.. إذ كان لديها مخطط في رأسها... أن تكون فيروز المستقبل. ربما مسيرتي وأغنياتي تتقاطع في مكان ما مع التجربة العظيمة للسيدة فيروز. والتّجربة التي أعيشها الآن لها خصوصية كبيرة في الفن العربي وأنا راضية عما وصلت إليه رغم التخبطات، واليأس الكبير الذي يعيشه الفن العربي نتيجة تحور مساره في السنوات العشر الأخيرة حيث أخذنا الإعلام إلى مكان آخر ليس له أية علاقة بواقعنا العربي ... عموماً أنا أدافع عن قناعاتي وخياراتي وبأي ثمنٍِ كان . 

• الآن كيف تنظرين إلى تلك المرحلة التي غنيت فيها مع الفنان الكبير مارسيل خليفة؟

تلك المرحلة كانت مفصلاً مهماً في حياتي لأنها جعلتني أطل على قضايا كبيرة ومحيطة بالوطن العربي أهمها قضية الشعب الفلسطيني، دائماً أقول لو لم يكن مارسيل راعياً لتلك الموهبة الصغيرة لتأخر وعيها كثيراً، مارسيل ساهم بطريقة كبيرة جداً بنمو الوعي المبكر لدي، كنت أغني لمحمود درويش وأنا في الثانية أوالثالثة عشرة وكان لا بد أن يُشرح لي ما أغنيه، ولا أستطيع إلا اعتباره أساساً لحضوري ووجودي في الساحة الفنية. وعيت وأنا أغني مع نجم بمعنى النجومية الحقيقية وليس بنجومية الانتشار الإعلامي عبر الفضائيات، ارتبط اسمي باسمه. عملنا الثنائي نادر الوجود كحالة في الفن العربي 

• في ثمانينيات القرن الماضي شهدت الأغنية الأيديولوجية أوجها، التساؤل هنا – أيمكن أدلجة الفن- أو ليس تقويض الفن في وضعه ضمن أطار الأيديولوجيا؟

هذه الأصوات لم تتراجع، وأنا من الأشخاص الذين كان لديهم الحضور الكثيف على مسارح العالم العربي والعالم بشكل عام، بل على العكس كنا مصرين على الاستمرار، لكن الإعلام العربي والمرئي تحديداَ تخلى عنا لأسباب برأي مقصودة.. ذهب إلى مكان آخر. ومازلنا نعمل بالزخم والهم نفسه حتى لو اختلفت اللغة الموسيقية وطريقة طرح الأفكار، كان لابد من مواكبة الحداثة، لا يمكننا الوقوف عند: ريتا – وبحرية.. كان لا بد أن نتطور في تجاربنا اللاحقة. لم نكن غائبين عن هموم ومحن المواطن العربي بل كنا في صميمها. عموماً الخطاب المباشر في الفن لا يعمر مثله مثل الخطاب السياسي. ليس مهماً أن تمتلك القدرة على اللعب بعواطف الناس  المهم أن تبقى معهم حتى لو لم تكن تلوح بالقبضة على الدوام. مارسيل معه عوده وأنا معي صوتي، قضايانا وهمومنا ومبادئنا من الثوابت لا يمكن تغييرها. الأغنية الوطنية مازالت موجودة ومازال الناس يفتشون عنها. لا يمكن  أن يوضع الفن ضمن إطار ويحبس فيه. وطالما أعمل بصدق لست بحاجة إلى شهادة حسن  سلوك من أحد. برأي التأطير يعيق تواصل الفنان مع الجمهور. 

• الخروج من عباءة مارسيل و الرغبة في تكوين ملامح الشخصية الفنية الخاصة بك  من خلال مجموعة من الأغاني. لم تلق تلك الأغاني الصدى رغم بقائها ضمن إطار الأغاني الإنسانية؟

 في البداية عندما عملت مع هاني السبليني ولم تكن لدي رغبة في الخروج من عباءة مارسيل  بل كنت مصرة بالبقاء فيها، فيما بعد اتجه مارسيل إلى الموسيقى،  وكانت هناك أعمال كثيرة لم يكن لي دور فيها، لذا كان من الضروري أن لا أبقى خلف اسم مارسيل والأغنية الوطنية تحديداً، وأيضاً كان لدي ما أقوله ولم أستطع قوله مع مارسيل لذا فتشت عن الآخر، وهذا الآخر له أسلوبه وأفكاره الخاصة به. على العكس مما تقول، تلك الأغاني لاقت إقبالاً كبيراً في أماكن مختلفة عن التي تقدم فيه«عصفور طل من الشباك». كان لدي رغبة في التوجه إلى شريحة كبيرة من الناس... ربما استطعنا أن نقدم  أسلوباً مختلفاً بترتيب وعناية خاصة وتقنية خاصة جداً. 

• كيف تفسر الفنانة أميمة الخليل ما يقدم للمشاهد العربي ولذائقته من انحطاط للحن والكلمة  والأداء والتوظيف الرخيص للجسد؟

 للأسف هذا تواطؤ واعتداء على التراث العربي والذاكرة العربية والفكر العربي، ومحاولة لتسخيره لمصلحة العدو الصهيوني المزروع  في المنطقة. طبعاً وجوده مؤقت وهو يدرك ذلك تماماً. وما يقدم للمشاهد لا يحتاج إلى تفسير لم يأت بالصدفة، ولا بشكل بريء، المقصود تسخيف الذوق، وتهميش الأدب والفن الجاد لمصلحة السخافة اليومية التي تبث بإصرار كبير، والهدف منه إلهاء المواطن العربي عن حقوقه وقضاياه ونزع قيمه الإنسانية.

حين صورت أغنية «بكتبلك» فيما بعد أدركت مدى ضرر الصورة ، فهي تلهي عن المضمون حتى لو كانت مستوحاة من مضمون الأغنية. مثلاً في كليب أغنية «يا حبيبي تعالى» انتبه الناس إلى شعري القصير ولونه والـ «يويو» الذي أحمله، وإني حافية ولم ينته أحد إلى الطريقة التي تم فيها إعادة توزيع أغنية كنا جريئين باستخدام طريقة «تيكنو ديسكو»، ولأنها تلهي عن المضمون لم تعد تعني لي، كما لا أرغب أن يعرض عمل لي إلى جانب ما يعرض للراقصات وعارضات الأزياء المغنيات اليوم. صدقاً حين تمر صورتي بينهن أشعر بالقرف..      

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آخر تعديل على الأربعاء, 14 كانون1/ديسمبر 2016 15:14