حاورته إيمان ذياب حاورته إيمان ذياب

خلف الكاميرا: مدير التصوير مازن بركات

تتابع قاسيون نشر ملف «خلف الكاميرا» الذي بدأته في العدد الماضي، وتقدم من خلاله  مجموعة من اللقاءات تسلط فيها الضوء على مهن متعددة وفنيين يقفون خلف الكاميرا، ويلعبون دوراً مهماً في نجاح الأعمال التلفزيونية والدرامية، وفي هذا السياق كان لقاسيون اللقاء التالي مع مدير التصويرالأستاذ مازن بركات:

سيرة ذاتية:

من مواليد دمشق، كان دخولي إلى المجال الفني بعد تسريحي من الجيش حيث عملت كمساعد مصور لمدة أربع سنوات في أعمال صغيرة إذ لم يكن هناك مسلسلات طويلة، بل كانت الأعمال ثلاثية أو سباعية ولم يتجاوز أطول مسلسل 16 حلقة وأهم الأعمال التي شاركت بها هي مسلسل الخوالي عام 2000 وبعدها مسلسل ليالي الصالحية وباب الحارة في جزأيه الأول والثاني تحديداً، والكثير من الأعمال الأخرى.

من هو المصور الدرامي؟ وما علاقة الكاميرا بالمشهد ككل؟

يرتبط عمل المصور بالدرجة الأولى بالرؤية الإخراجية العامة، فالمصور ليس أداةً أو رجلاً آلياً يحركه المخرج يميناً ويساراً كما يشاء، بل يحمل درجة عالية من الإحساس وهو يرى المشهد قبل الكل، يوثق النص من خلال الصورة وتكنيك الكاميرا ولا يقتصر على إبراز قدرات الممثل وأحاسيسه من خلال وجهه وحركاته، بل يلامس عمله جوانب أخرى كالمناظر الطبيعية، ويرسم مشهداً حياتياً كاملاً من خلال قدرته على التقاط التفاصيل، فالحياة لوحة فسيفسائية ستبدو ناقصة إذا فقد منها أحد أجزائها مهما كان صغيراً، ولذلك يقع نجاح العمل الدرامي على التكامل بين عناصره المختلفة، من إضاءة وصورة وصوت  بالإضافة إلى التمثيل والإخراج والديكور وغيرها لإيصال الفكرة إلى المشاهد وإقناعه.

يتلخص عمل الكادر الفني خلف الكاميرا في إبراز الممثل وظهوره بشكل صحيح على الشاشة لأن هذا مايراه المشاهد في النهاية، وغالباً ما يفشل العمل، مهما كان الممثل بارعاً ومحترفاً، إذا كان الفنيون أقل مستوىً وأداءً، سواءً بالإضاءة أو التصوير أو الصوت. لا يحب الممثلون عادة الإعادة، خاصة في المشاهد التي تتطلب جهداً جسدياً ونفسياً أو التي تحوي دموعاً أو ضربة كف أو معارك..الخ وتلعب البروفات دوراً أساسياً هنا، ويجب أن تتوافق الإضاءة مع التصوير لخدمة الرؤية الإخراجية ، فإذا كانت هناك مشاهد تتطلب أجواءً باردةً، نقوم بمحاولة إظهارها بالتعاون مع فنيي الإضاءة مائلة إلى الزرقة، وتستلزم مشاهد أخرى ألواناً مختلفة، كالمشاهد الرومانسية التي تتطلب ألواناً دافئةً ونستطيع اللعب بالألوان لإبراز المشاعر أيضاً.

وقد يساعد المصور الممثل بتوجيهه أو لفت انتباهه على اختيار أفضل لمكان وقوفه أو بالحركة، لا ينجح المصور وحده مهما كان محترفاً.

 أميل شخصياً إلى البيئات الواقعية التي تظهر تفاصيل الحياة اليومية بكل واقعيتها (جدار طيني،  فانوس، عرق ثوم معلق..الخ)

ماهي الصعوبات التي تواجهكم في عملكم كمصورين؟

تكمن المشكلة الأساسية في تحول الفن إلى حالة اعتياش، بدءاً من الأجور الخاضعة للعرض والطلب، ووصل الأمر حالياً إلى تخفيض أجور كثير من العاملين بالوسط الفني، بسبب انخفاض معدل انتاج الأعمال الدرامية نتيجة حالة الأزمة التي تعيشها البلاد، ومن ناحية أخرى تقوم الشركات الإنتاجية بفرض شروطها على المخرجين وتلزمهم بطريقة معينة في العمل، وإنهائه خلال فترة زمنية محددة بينما يحتاج أحياناً  وقتاً أطول حتى ينجح  فنياً، يضطر المخرج هنا أن يعمل مع بقية الكادر 12 ساعة في اليوم لكي ينهي العمل في وقته الذي يتطلب 90 يوماً ولكنه مضطر لإنجازه ب75 يوماً فقط!!

إن طول يوم العمل ولفترات طويلة قد تمتد لأشهر يمنعنا من ممارسة حياتنا الطبيعية والتواصل مع عائلاتنا ويؤثر سلباً على علاقاتنا الاجتماعية، وتحدث معي في كثير من الاحيان مواقف طريفة بسبب ذلك مثل قيام  بعض الاصدقاء بتهنئتي  بالعودة بعد غياب طويل معتقدين أنني كنت مسافراً بينما أكون موجوداً ولكن ملتزماً بعملي!! 

 ويتكرر الأمر ذاته مع اختيار (اللوكيشن) أو مكان التصوير، فيتم اختيارها بغض النظر عن كونها مناسبة فنياً أم لا، من أجل تقليص النفقات كالبيوت الشامية وكل ذلك سببه غياب الرعاية المؤسساتية وعدم وجود استديوهات كافية من جهة، خاصة في ظروف الأزمة الحالية التي تتعذر فيها إمكانية الوصول إلى بعض الاستديوهات القليلة أساساً، ويتطلب ذلك وجود مدينة إعلامية، توفر الجهد والمال وتحل مشكلات عديدة ومختلفة منها مشكلة البيئات وقد سبقتنا بعض الدول العربية مثل مصر التي أنشات (بيت الإعلام) وحلت المشكلة. ونحن نتغلب على هذه الصعوبات عادة معتمدين على إمكانيات متواضعة.

ومن جهة أخرى أدى غياب الرعاية أوالحماية المؤسساتية إلى خضوع العاملين بالوسط الفني للمحسوبيات والمزاجية في التعامل من قبل الأشخاص والشركات التي يقدم البعض منها مساعدات أو تعويضاً للفنيين في حال إصابتهم أثناء العمل، ولا يفعل البعض الآخر، وهناك مشاكل أخرى تتبع ذلك منها عدم تكافؤ الفرص والمنافسة غير الشريفة، مما يوفر عملاً لعدد محدود بينما يبحث آخرون عن فرصتهم بلا جدوى.

ماهو سبب غياب المرأة عن مهنة التصوير التلفزيوني؟

أعتقد أن الأمر مرتبط بطبيعة مجتمعنا الشرقي الذي يرفض دخول المرأة لبعض المجالات دون الأخرى ، أنا مع فكرة عمل النساء بهذا المجال وقد طرحت الفكرة منذ أكثر من سنتين وتفاجأت وقتها بحجم الرفض الذي واجهته.

ماالاقتراحات التي تراها لتطوير عملكم؟

إن التطور الحاصل في التكنولوجيا يجعلنا نواجه تحديات كبرى منها نشوء جيل متطور من حيث التكنيك والتقنية ولكنه لا يستطيع مجاراة حالة التطور المتسارعة بسبب غلاء الأدوات التكنولوجية القادمة من الخارج ومن الغرب بشكل أساسي، وتخلف التعليم بهذه المجالات، وأقترح أن يتم العمل على تطوير مهنتنا من خلال تعليم ممنهج يواكب الجديد وبكافة الاختصاصات، سواء من خلال معاهد مختصة أو أكاديمية تخصص لهذا الغرض.

 

وأرغب من خلال جريدة قاسيون بتوجيه رسالتين الأولى لزملائي من الفنيين، لنكون على قدر المسؤولية في العمل المؤتمنين عليه ونقوم بتحفيز الناجحين فيه والعمل على تطويره، والثانية إلى شعبنا العظيم بكافة فئاته، فقد سافرت كثيراً بحكم عملي وفي كل مكان نصل إليه نحسد على كوننا سوريين ونفتخر بذلك، أتمنى على الجميع ترك العنف والذهاب لحوار وحل مشاكلنا بأنفسنا والحفاظ على هذا البلد الذي احتضننا جميعاً.