هل تعلم أين دفن جثمان يوسف العظمة؟

هل تعلم أين دفن جثمان يوسف العظمة؟

أقامت منظمة الشباب بدمشق، في حزب الإرادة الشعبية، احتفاليةً متواضعةً لإحياءِ ذكرى الجلاء. تضمنت الاحتفالية التي احتضنتها «دار الطليعة الجديدة» يومي 27 و28 نيسان محاضرة بعنوان «الهوية الوطنية اليوم» ألقاها الرفيق علاء عرفات أمين حزب الإرادة الشعبية.

 

نفض الغبار

بدأت الاحتفالية بعرض فيلم تمهيدي يستعرض بعضاً من معلومات الشباب عن رموز النضال ضد الاستعمار ورموز الاستقلال، وأعطى الفيلم مثالاً صارخاً على حجم الفجوة التي ينبغي ردمها، وسماكة الغبار الذي تراكم على رموزنا الوطنية، لتبدأ بعد ذلك المحاضرة التي أضاءت على مفاصل هامة في تاريخ استقلالنا ورموزه، التاريخ الذي لم يكتب بعد بشكل يساهم بتدعيم هويتنا الوطنية وحفظها، بل على العكس فتاريخنا تعرض لهجوم هائل لم ينته بخروج المستعمر كما يروج البعض. لا يمكن التصديق مثلاً أن قامة وطنية مثل يوسف العظمة تكاد تغيب عن المشهد السوري، وإن حضرت فإنها تحضر بشكل مجتزأ ومقتضب و«خجول»، العظمة قائد أركان الجيش السوري الذي أبى أن تستعمر سورية دون مقاومة على الرغم من معرفته بأن المعركة خاسرة عسكرياً لا محالة، ولكنه أدرك أن معركة كهذه ستكون وتداً صلباً يحمل الدولة الناشئة ويساهم في تشكيل الهوية.

استكمال مهمة الاستقلال

نوهت المحاضرة أيضاً إلى أن المتاحف التي تعد من أبسط الأشكال التي تلجأ إليها الدول لحفظ تراثها وتعريف أجيالها الناشئة بأبطالهم الوطنيين تكاد تكون معدومة في بلدنا، وإن وجدت فحالها حال أصحابها محدودة بنطاق ضيق وغير معروفة خارج هذا الإطار، فمتحف يوسف العظمة في مسقط رأسه في منطقة الشاغور والذي لم يجر انشاؤه إلا بعد معركة طويلة مضنية قادها الوطنيون، جرى تهميشه والتعتيم عليه، ولا يعلم بوجوده معظم سكان دمشق نفسها، وهذا هو حال الشخصيات الوطنية الأخرى فمتحف صالح العلي تهمش أيضاً وتطول القائمة لدرجة أننا نستطيع الحديث دون مبالغة عن أن هناك منظومة ثقافية كاملة تعمل بشكل ممنهج على تسطيح استقلالنا وتستدرجنا للنوم في العسل وكأن مهمة الاستقلال قد أنجزت بشكل كامل. وتعمل أيضاً على تأطير الرموز الوطنية الجامعة وحصرها بإطارات مناطقية، فيصبح سلطان باشا الأطرش مثلاً رمزاً محلياً لا تأثير له خارج حدود «محافظته»، وهو الذي أخذ على عاتقه، بالاتفاق مع القادة الوطنيين السوريين، قيادة الثورة السورية الكبرى التي مثلت السوريين كلهم وجهزت التربة لغرس راية الاستقلال فيما بعد.

أبطال مخفيين

نوه عرفات في المحاضرة إلى أن الاحتلال الفرنسي عمل منذ دخوله على إخفاء هذا التراث عن السوريين وبدأ من إخفاء شهداء معركة ميسلون بمن فيهم يوسف العظمة، ولايزال المكان الذي دفن فيه شهداء ميسلون في سجلات وزارة الدفاع الفرنسية ولا يعلم به أحد من السوريين. 

مجابهة محاولات الاستعمار المباشرة لطمس هويتنا قائمة ولم تنقطع، لكن هذه المحاولات تجري بشكلٍ غير مباشر، فعلى الرغم من أن إرث استقلالنا ملكٌ مشاع لعموم السوريين إلى أن الأنظمة التي تعاقبت بعد الاستقلال اختارت التعتيم عليه بدلاً من تظهيره ونسج هويتنا من خيوطه، يبدو اليوم جلياً أن الذين عملوا على تشويه رموزنا هم المتضررون الحقيقيون من تسخير هذا الإرث لمصلحة السوريين، هم - وإن جاز التعبير- أحفاد من جرّ «عربة غورو»، لا يمكن لأحد اليوم إنكار أن للاستعمار خيوطاً لا تزال متينةً تربطه مع أصدقائه القدامى، الذين ينهبون إلى اليوم الشعب السوري ويستطيعون بسبب نفوذهم تحديد حجم وشكل ظهور هذه الرموز الوطنية.

 

«على طريق

 يوسف العظمة»

 

مهمة إعادة إحياء رموزنا الوطنية ومنع اندثارها هي مهمة وطنية لا يجب إغفالها، بل يجب المضي لإعادة صياغة إرثنا الوطني بشكل يمكّن أجيالنا القادمة من استخدامه كأداة صلبة لتثبيت وجودنا في الصخر رغم أنوف أولئك الذين جرّو «عربة غورو»، وأخلافهم الذين لا يزالون بيننا.

لا يمكن إخفاء الدلائل على تصدع هويتنا الوطنية، فهي طافية على السطح، تظهر على شكل نزعات قومية أو طائفية أو دينية، لا يمكن التصدي لها إلا بترميم ما أفسده الدهر واستكمال النواقص في حكاية استقلالنا وحكايا أبطالها.

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
00
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 16:38