رسول حمزاتوف.. أوطاننا اللحظة القابضة على الجمر

رسول حمزاتوف.. أوطاننا اللحظة القابضة على الجمر

من منا لم تسحره رواية داغستان بلدي ويقف على تخوم الدهشة وهو يقرأ فاتحة الكتاب كيف سطره الشاعر المبدع وكأنه يقدم لنا اوطاننا نحن اللحظة القابضة على الجمر انه ابن الحياة ابن المراعي ابن المدينة والقرية التي التي عاد اليها لينشد اغنية الوجود

تمر هذه الايام ذكرى وفاته ونحن بامس الحاجة الى الاشارة الى الذين لم يبيعوا اوطانهم بكنوز الدنيا ابدا كل حبة تراب عندهم تساوي كل ما لدى الاخرين وفي الاشارة الى هذا المبدع الكبير من المواقع الالكترونية جمعنا باقة احتفت به وترجمت عن ادبه ومن موقع ديوان العرب هذه المادة التي ترجمت عن الروسية حين رحل الشاعر وهي من ترجمة نديم علاي وتقدم حوارا مستعاداً مع الشاعر الراحل يقول الكاتب : لقد أهدى لنا شاعر الشعب الداغستاني رسول حمزاتوف أسطورة اللقالق البيضاء رمزا للحداد و الذاكرة الحية , شاعر صدحت الأغاني بأشعاره لما يقارب نصف القرن في جميع أصقاع ما يسمى اليوم بالاتحاد السوفييتي السابق.‏

يعتبر رسول حمزاتوف اليوم وبلا منازع رمزا لجميع مواطني القفقاس أينما تواجدوا, ومهما تباينت معتقداتهم وآراؤهم السياسية. في بيت الشاعر في ماخاجكالا تلهبك المشاعر وأنت تتجول بين مقتنيات الشاعر الرائعة ... اللوحات الفنية, الأواني, التماثيل التي جلبها الشاعر معه من الأماكن التي زارها, مقتنيات أخرى , كل هذا يعود إلى اهتمام وعناية باتيمات زوجة الشاعر الهادئة.‏

انظروا إلى هذا المكان , حيث يشير الشاعر بإصبعه إلى مكان فارغ على الحائط.‏

في هذا المكان علقت مجموعة الرماح , كانت بسيطة ومتواضعة, لكنها تشكل جزءا من التاريخ , لقد حملتها أيدي امام شامل حاج مراد , والد الشاعر رسول. في منتصف الثمانينات تسلل اللصوص إلى منزل الشاعر وسرقوا هذه الرماح , كم حزنت لذلك , ولكنني اقتنعت الآن بعدم جدواها.‏

لم أعد اليوم بحاجة إلى هذه الرماح .....‏

الأقرب إلي هي اللقالق البيضاء ... ولكننا اليوم في زمن آخر... زمن يحتكم للرماح ... ليس المرأة أو الوطن كما كان الحال سابقا... إنها المرحلة بطل حمزاتوف الجديد .‏

مراحل الشعر عندي تشبه ثلاث زوجات:‏

الأولى : قاسية وعنيدة...الحقبة الستالينية التي لا تعرف الرحمة , ورغم عناد وقسوة هذه الزوجة فقد كانت الحياة في كنفها آمنة ومهيبة. الثانية : جميلة, ثملة بحريتها , لكنها داعرة, إنها المرحلة التي نحياها.‏

الثالثة : الزوجة.... التي نبحث عنها جميعا... وأنا واثق من أنني سأجدها... آمل ذلك..... أن أجدها عادلة وهادئة, عن هذه الزوجة ابحث في قصيدتي الصندوق الأسود في هذه القصيدة ستجدون كل ما هو خفي ومثير في حياة رسول حمزاتوف.‏

ولكنني غير واثق بأن القراء الروس سيطلعون على هذه القصيدة.... لقد فارق مترجمي شعري الحياة, فقد مات كازلوفسكي, كريبنوف, سالوجين ومعهم ماتت مدرسة للترجمة بأكملها, لولا هؤلاء لما سمع أحد ب موستايا كريما , كايسينا كوليفا ولا حتى برسول حمزاتوف! كلماتكم تفضح حنينكم إلى العهد السابق, كنتم محظوظين لدى السلطة, وكانت تعتني بكم , النياشين, الهدايا, الرحلات, كتبكم طبعت بالملايين وبعشرات اللغات... كانت حياة الشاعر مرفهة.....!!!‏

الكثيرون يسألونني .. لماذا غادرنا أدباء جيلك ؟ منهم من سقط في رحى المعارك ومنهم من سلم روحه للسماء..ولازلت أنت بيننا إلى اليوم !!!‏

لقد هبت رياح السلطات كلها من فوق رأسي ...في الحقبة الستالينية أرادوا أن يقلدونني أنا ووالدي وسام ستالين وهو أعلى وسام في الدولة السوفييتية, قالوا لي إن القائد معجب بالفكرة.. ولكنه سألهم...كم عمر والده؟‏

أجابوه 74 ...والابن 28 !‏

فرد ستالين..... سنعطيها للوالد حمزاتوف, فالابن رسول لازال يافعا وعنده متسع كاف من الوقت!‏

فكانت الجائزة من نصيب والدي.‏

بعد ستالين جاء إلى السلطة أناس سطحيون... خروشوف لم ير فيَ كوسموبوليتيا حقيقيا , لكنه لم يلوح بقبضته, ولم يضع قيودا على الكلمة.‏

ولكني كنت صديقا مقربا من بريجينيف وقبل أن يصبح سكرتيرا عاما... عملت كل ما بوسعي من اجل أن لا يتوقف بحر إبداعي ..واعترف انه لم يجبرني أحد على اتخاذ موقف لا ارتضيه..وأنا فخور بكل كلمة خطتها يد رسول حمزاتوف.‏

في دستوركم الجبلي يأتي الرجل في المقدمة , الرجل المفعم بالرجولة , كرمح حاد! والمرأة تأتي ثانيا... دائما‏

متأخرة...رغم التحسن الذي طرأ على وضعها... وفي المرتبة الثالثة يأتي الأطفال وكبار السن ... العلاقة بين الماضي والمستقبل... وبعد ذلك, الكرم والضيافة وحسن الجوار‏

والصداقة... لو قدر للشاعر حمزاتوف أن يغير شيئا في هذا الهرم فبماذا سيبدأ؟‏

أريد أن أضيف شيئا وهو أن الرجل يجب أن يكون حكيما أيضا... الرجولة المسالمة هي التي يجب أن تنظم علاقته بالمرأة...أما بخصوص حسن الجوار, وكما تشاهدون فان أوروبا تتقارب وتتوحد , أما نحن في القفقاس فنتقاتل تحت شعارات الاستقلال الدموية ... من منا بحاجة إلى هذا الاستقلال؟؟ لماذا تنفصل جورجيا عن أرمينيا مثلا؟ والشيشان من افارتسا؟ الناس المستقلون والأمم المستقلة حقيقة واهية ، قبل عشر سنوات خاطب الشاعر رسول حمزاتوف الرئيس الشيشاني جوهر دودا يف بهذا القول, وقيل إن دوداييف لاذ بالصمت وخرج من الجلسة على مضض . كنت أسافر إلى جورجيا كل نهاية أسبوع تقريبا , ومن هناك ادخل إلى أرمينيا وفي كل مكان تجد الأمان و حسن الضيافة أما اليوم فهناك حدود مصطنعة ونقاط تفتيش وإجراءات..الصورة محزنة بحق.‏

محطات في حياته‏

ولد حمزاتوف في 8 سبتمبر/ ايلول العام 1923 في قرية داغستانية وكان والده الشاعر الشعبي جمزات تسادا معلمه الأول ومرشده في دراسة الشعر. وقد كتب حمزاتوف أول قصيدة شعرية له عندما كان يبلغ 11 من العمر.‏

درس حمزاتوف في معهد البيداغوجيا (علم اصول التدريس) وفي العام 1940 عاد ليدرس في مدرسة قريته لفترة قصيرة. ثم تقلد عدة وظائف منها مساعد مدير فرقة مسرحية جوالة وموظفا في الإذاعة وصحيفة بولشفيك جور. وفي العام 1943 نشر أول مجموعة لقصائده «الحب الملتهب والغضب المتقد» بلغة الآفار وهي اللغة التي يتحدث بها سكان داغستان. ودرس حمزاتوف في معهد جوركي للأدب في موسكو في العام 1945 إلى 1950. وتم نشر أول مجموعة قصائد له بالروسية العام 1947. ومنذ ذلك الحين قام بنشر اكثر من عشرين كتابا بكل من اللغتين الروسية والآفارية.‏

وقد فازت مجموعته الشعرية بعنوان «عام ميلادي» بجائزة الدولة لجمهوريات الاتحاد السوفياتي الاشتراكية (ز) العام 1952. وفاز حمزاتوف كذلك بجائزة لينين لمجموعته الشعرية بعنوان «النجوم الشامخة» العام 1962. وله قصائد أخرى مثل:‏

«كلمة عن الأخ الأكبر (1952)، «الربيع الداغستاني» (1955)، «عامل المنجم» (1958)، «فؤادي في التلال» (1959)، «رسائل الشالين» (1963)، «حديقة ورد السنين» (1968)، «بجوار المدفأة» (1978)، رحل في تشرين الثاني عام 2003.‏

 


المصدر: صحيفة الثورة

آخر تعديل على السبت, 09 تشرين2/نوفمبر 2013 18:59