الثورة التونسية:  الإلهام الثوري.. اليوم وغداً

الثورة التونسية: الإلهام الثوري.. اليوم وغداً

يميل المؤلف الدكتور راغب السرجاني في كتابه، إلى تناول موضوعة الثورة التونسية، وفق تفسير الحاضر والمستقبل في ضوء دروس التاريخ، معتبرا أن التاريخ هو خير دليل للحاضر وللمستقبل أيضا.

 

 وهو يسرد في الفصل الأول من كتابه، لمحة تاريخية عن تونس، والدور الذي لعبته منذ عهد الحضارة الفينيقية، ثم مكانتها تحت الحكم الروماني، حيث عرفت في هذا الوقت باسم المقاطعة الإفريقية، واستمرت مثل أهم المستعمرات الرومانية إلى أن فتحها المسلمون في القرن السابع الميلادي وأسسوا فيها مدينة القيروان، وهي إحدى أهم المدن التونسية حتى الآن، حيث كانت القيروان أهم الحواضر الإسلامية في شمال أفريقيا، على مدار التاريخ الإسلامي.

وتحت حكم الدول الإسلامية المتعاقبة، وحتى سقوط تونس تحت سنابك الاستعمار الفرنسي الذي فرض عليها الحماية عام 1881م؛ لتمر تونس بعد ذلك بـ3 عصور، هي: الباشوات، الدايات، البايات.

ويحكي المؤلف إنه خلال فترة الاحتلال الفرنسي لتونس، تعرّضت البلاد لموجة من التغريب والحرب الثقافية شديدة الوطأة، التي كانت تستهدف تذويب الهوية الإسلامية لها، حتى إعلان الجمهورية في البلاد في عام 1957، بعد إلغاء الملكية في البلاد، ثم تولي الحبيب بورقيبة رئاسة البلاد، ونودي به، آنذاك، رئيسًا مدى الحياة، إلا أن تردي حالته الصحية شجّع زين العابدين بن على الذي كان مديرًا للأمن العام لتنحيته وإعلان نفسه رئيسًا للجمهورية فيما عرف بتحوُّل السابع من نوفمبر، إلا أن ثورة شعبية اشتعلت أدّت إلى خلع بن علي في الرابع عشر من يناير عام 2011م.

ويسرد المؤلف قصة الثورة التونسية منذ الشرارة الأولى لها عندما توجّه المواطن التونسي محمد بوعزيزي إلى مقر ولاية سيدي بوزيد ليشكو شرطية تونسية صفعته على وجهه، إلا أن إحساس بوعزيزي بالقهر، وهو خريج الجامعة الذي اضطرته الظروف ليعمل بائعًا للخضار، دفعه إلى أن يشعل النار في نفسه بعد أن رفض المحافظ مقابلته؛ لتكون النار التي التهمت جسد البوعزيزي هي النار التي أشعلت ثورات العرب بما فيها الثورة التونسية.

إلا أن المؤلف يستخلص دروسًا من الثورة التونسية بقوله إن الفقر في تونس ليس أقسى من الفقر في اليمن أو السودان، كما أن حجم الفساد في تونس ليس مثل حجم الفساد في دول عربية أخرى، إلا أن ذلك لم يمنع الثورة من أن تشتعل في تونس وتنتقل منها إلى دول عربية أخرى، والمؤلف بذلك يقصد أن الثورات لا تشتعل دائما بسبب الفقر أو الفساد، بل إن رغبة الناس في الحرية كفيلة بدفعهم إلى الثورة إذا شعروا أن النظام الحاكم في البلد الذي يعيشون فيه يحرمهم من حقهم الطبيعي في هذه الحرية.

يحاول المؤلف من خلال الكتاب أن يضع يده على الدروس المستفادة من الثورة التونسيـــة، التي اعتبرهـــا نموذجـــًا لثورات عربية أخرى في دول عربية مختلفة، كما اعتبر أن الثورة التونسية ســـوف تظل على امتداد التاريخ تمثل مصدر إلهام لشعوب أخرى وهي الشعوب التي تتطلع نحو الحرية والديمقراطية، بغض النظر عن مستواها الاقتصــادي وحجم الفساد فيها.