مواويل سلاطين الحرب

مواويل سلاطين الحرب

ما الذي يمكن أن تضيفه الكتابة في مثل هذه الظروف؟ وكيف يمكن التعبير عما يجول في النفس من أفكار ومشاعر صارخة؟ سجلنا كسوريين محطات متتالية في سقوط لغة العقل والوعي، بضربات قاضية، إثر التطورات المتسارعة في إيقاع الأحداث، وتفاعل وسائل الإعلام المختلفة معها مترافقة بالمزاج المسموم والمفروض بالوقت ذاته عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وقع الجميع، خلال الأسبوعين الأخيرين، تحت تأثير التصعيد في الحدث السوري، متأثرين بغزارة الدم الذي أريق والذي تستقي منه فرقتا سلاطين «الحرب» مواويلها. وارتفع مجدداً، على ضفتي جدول الدم، صوت «الستيريو» الطائفي التفتيتي، وبدأ النعيق من سماعتي الصوت التحريضيتين بأنه لانهاية لهذا النفق المظلم، وأن هذه الأزمة المدمرة قدر لا مفر منه، وليس على الشعب السوري إلا الاستكانة والاستسلام له، بعيداً عن أي تصور أو فعل منتج نحو الخلاص من الأزمة وتحقيق الانتقال المنشود.


وبهذا الاتجاه، يمكن فهم غايات وأبعاد التصعيد الأخير، ودور جرعات العنف المرتفعة بشكلها التقليدي أو حتى «الكيميائي» منه، فهي على المستوى الداخلي محاولة إرهاب وصدمة لجماهير الشعب السوري عبر رفع منسوب الدم لدرجة غير مسبوقة، الأمر الذي يخدم هنا هدفاً محدداً هو عرقلة فكرة الحل السياسي تمهيداً لنفيها إن أمكن، عبر مزيج من مؤثرات سياسيةـ نفسية تستخدم فيها كل وسائل الترهيب والترويع والتيئيس.


وترافق كل هذا التصعيد مع ارتفاع الحديث مجدداً في دوائر الغرب الامبريالي وتوابعه عن فكرة العدوان العسكري على سورية، وإذا كان هذه الأمر متوقعاً ومفهوماً من محور الغرب والتوابع إلا أن الأمر المستهجن هو ارتفاع أصوات سورية نكراء تهلل للعدوان على وطنها وشعبها.


بعيداً عن كل هذه الضوضاء والتشويش ما يزال  شعبنا وقواه الحية مدعوين للوقوف صفاً واحداً في وجه هذه المرحلة السوداء وتجاوز آلامها نحو مرحلة الحل السياسي الشامل التي باتت اليوم أقرب بكثير.

آخر تعديل على الثلاثاء, 03 أيلول/سبتمبر 2013 20:12