أمبرتو إيكو يسترجع هوميروس وجويس

أمبرتو إيكو يسترجع هوميروس وجويس

مشروع “كلمة” للترجمة، التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة أصدر مؤخراً كتاباً جديداً بعنوان “لانهائية القوائم: من هوميروس حتى جويس”، للفيلسوف الإيطالي أمبرتو إيكو، ونقله إلى العربية

المترجم الأردني ناصر مصطفى أبو الهيجاء. في كتاب “لانهائية القوائم: من هوميروس حتى جويس”، يؤرخ أمبرتو إيكو، للقائمة، أو لنقل للولع الغربي بها، آخذاً من كتالوج السفن في إلياذة هوميروس شارة البدء، ومعرجاً على الأدبيات القروسطيّة، لينتهي بالعصرين الحداثي وما بعده.‏
وهو يمتحن في هذا الكتاب ظاهرة الجمع، وإنشاء القوائم، ووضع الموسوعات، والتصنيف، على امتداد العصور التي خلت، ذاهباً إلى أن هذا المنحى في مقاربة الأشياء عبر التاريخ الثقافي الغربي بمجمله، بل يمكن القول إن ثمّة عوداً أبدياً إلى ثيمة القائمة والهوس بها يسم ذلك التاريخ. وهكذا يدخل إيكو في جهد تأريخي نقدي، راصداً الجهد الغربي في محاولته تدجين الكثرة وامتلاكها داخل قوائم من الأشياء، والأمكنة، والعجائب، والمجموعات، والكنوز.‏
هذا العمل جهد نقدي بالأساس، لأن إيكو -كما ذكر- لم يقصد أن يدخل في رصد تاريخي لا حدود له ربما، لكنّه يعين أنواع القوائم، ثم يسوق، بما امتلكه من معرفة متبحرة، أمثلة كثيرة عليها، تتراوح بين البصري واللفظي. وتبلغ هذه الأمثلة حداً من الكثرة تستدعي في ذهن القارئ الشبكة العنكبوتية، التي يقول عنها إيكو إنها “تقدِّم لنا كتالوجاً من المعلومات، التي تجعلنا نشعر بالثراء والقدرة غير المحدودة”. ويأخذ الكتاب، الذي جاء نتاج دعوة من متحف اللوفر، القارئ في رحلة متاهية ممتعة تعج باللوحات التصويرية من صور المعارك والحدائق الغنّاء والملائكة والشياطين والكنوز والمجموعات الفنية متناهياً في أحد جوانبها إلى صورة من معلبات كامبل مأخوذة من متحف نيويورك للفن الحديث.‏
يتحدث إيكو عن السبب الذي دفعه إلى وضع هذا الكتاب فيقول: “حين دعتني إدارة اللوفر كي أنظِّم، طوال شهر تشرين الثاني من عام 2009، سلسلة من المؤتمرات، والمعارض، وجلسات القراءة للجمهور، والحفلات الموسيقيّة، وعروض الأفلام، وغيرها من الفعاليات المشابهة، التي تختصُّ بموضوع أختاره بنفسي، فإني لم أتردَّد لحظة، وتقدمت من فوري بموضوع «القائمة»، فلو قُيِّض لامرئ قراءة رواياتي، فإنه سيجدها تغصُّ بالقوائم. وقَدْ تمثلت أصول هذا الولع في مادتين درستهما شابّاً، وهما: النصوص القروسطيّة وأعمال جيمس جويس”.‏
إمبرتو إيكو، فيلسوف إيطالي، وروائي وباحث في القرون الوسطى، وُلد في 5 كانون الثاني 1932 في مدينــة ألساندريــا بإقليــم بييمونتي، ويُعرف بروايته الشهيرة “اسم الوردة”، وهــو أحــد أهم النقــاد في علم الدلاــلة في العالــم. حصل إيكو على دكتوراه في الفلسفة سنة 1954. عمل إيكو محرراً ثقافياً للتلفزيون والإذاعة الفرنسية، وحَاضَرَ في جامعة تورينو. كما صادق مجموعة من الرسامين والموسيقيين والكتاب في الإذاعة والتلفزيون الفرنسيين الأمر الذي أثر على مهنته ككاتب فيما بعد. خصوصاً بعد نشر كتابه الأول “مشكلة الجمال عند توما الأكويني”، الذي كان توسعة لأطروحة الدكتوراه خاصته. تأثر إيكو بعديد الفلاسفة منهم “إيمانويل كانت” و”بورخس” و”بيرس” و”جويس”. درس إيكو الفلسفة في مدينة تورينو الإيطالية، وعمل في وسائل الإعلام، ودور النشر، قبل أن يصبح عام 1971 أستاذاً جامعياً لعلم العلامات. وتوقف عن التدريس في عام 2007، بعد حصوله على أكثر من 30 دكتوراه فخرية.‏
وهو أحد أهم علماء العلامات البارزين في حاضر الثقافة العالمية. وقد كتب في غير موضوع، جائلاً بين الفلسفة والأدب والنقد الأدبي واللغويات والتاريخ. ومن كتبه: التأويل بين السيميائيات والتفكيكية، والعلامة: تحليل المفهوم وتاريخه، والقارئ في الحكاية، وعن الجمال، وعن القبح، وبندول فوكو، وباوديلينو.‏

الثورة ــــ الملحق الثقافي