الأمريكيون يريدون (NO OPEC) وأوبك تهدد بانهيار سعر النفط

الأمريكيون يريدون (NO OPEC) وأوبك تهدد بانهيار سعر النفط

حلقة جديدة في معركة النفط العالمي، ولكن هذه المرّة تقودها الولايات المتحدة وحيدة تقريباً، منذ أن خسّرت حلفاءها من كبار المنتجين في حرب النفط نهاية عام 2014... عنوان هذه الحلقة هو تشريع NOPEC.

NOPEC الاختصار الجديد لشعار لا لمنظومة أوبك. فالكونغرس الأمريكي يريد محاربة الاحتكارية! ويفتح ورقة قديمة في التشريع المناهض لمنظمة أوبك... وهي الاحتكار النفطي المكون من مجموعة من أهم الدول المصدرة للنفط العالمي، والذي يحدد سعر النفط إلى حد بعيد، ويتقاسم أسواقه العالمية. تأسس هذا الاحتكار في منتصف القرن الماضي، وعبر مجموعة من الدول النامية المنتجة للنفط. ولم يكن هذا التحالف خارج الرؤية الأمريكية، بل حصل على رعاية دولية من منظمة الـ UNCTAD التابعة للأمم المتحدة، المعنية من جملة ما تعنى به بالمشاركة في اتفاقيات المنتجين العالمية، احتكارية الطابع.
في تلك الأيام كان معظم النفط العالمي ينتج في دول العالم الثالث، المنظمة المؤسسة في مؤتمر في بغداد، خلال أيلول عام 1960، ضمت في حينه: إيران، والعراق، والكويت، والسعودية، وفنزويلا. وأصبحت تضم اليوم 14 دولة، من بينها الجزائر وأنغولا، والغابون، والكونغو، وليبيا، والإمارات، ونيجيريا، وغينيا، والإكوادور إضافة إلى الدول المؤسسة المذكورة سابقاً.
وفي نهاية عام 2016، تم توقيع اتفاقية لتقييد إنتاج النفط بين دول أوبك و11 دولة منتجة إضافية من بينها: روسيا والمكسيك وأذربيجان، والبحرين. وأصبحت هذه الدائرة الأوسع تضم 25 بلداً منتجاً، فيما أصبح يسمى opec +.

الولايات المتحدة لا تريد احتكاراً ليس لها

الولايات المتحدة ليست راضية عن هذا التحالف، الذي لم يعد يناسبها حتى في ظل الهيمنة السعودية عليه، وتحديداً بعد التوسع والمشاركة الروسية الفاعلة وخطوات التعاون النفطية مع السعودية. 

وسيلة الولايات المتحدة لتصحيح (هذا الخلل)، هو بتحفيز وإنتاج وتصدير نفطها في السنوات الأخيرة. ولأول مرة منذ ما يقرب 70 عاماً في شهر 12-2018، سجلت الولايات المتحدة فائضاً في تجارتها للنفط. وأصبحت مصدراً صافياً للذهب الأسود لتزيد من مكانتها في السوق العالمية. حيث تتلقى الشركات الأمريكية المنتجة الدعم الكامل من الدولة، وبشكل أساسي إعفاءات ضريبية. وفي ظل معدل النمو الحالي لصناعة النفط في الولايات المتحدة في 2019، يمكن للولايات المتحدة أن تحتل المرتبة الأولى من حيث إنتاج النفط، متجاوزة السعودية وروسيا، حيث جاءت على رأس القائمة في أواخر عام 2018.
اتجاه آخر لسياسة واشنطن النفطية، هو خط إضعاف أوبك... وآخر الإجراءات مناقشة مشروع NOPEC، المطروح في الكونغرس منذ عام 2000. وعادة ما كان البيت الأبيض ضد هذا المشروع، ولكن الإدارة الأمريكية الحالية، وترامب يقف معه اليوم، وقد عاد التلويح بهذا التشريع منذ صيف العام الماضي، الذي كان بمثابة تهديد للسعودية لتقليص التعاون النفطي مع روسيا، وإبقاء أسعار النفط منخفضة. ولكن وصول أوبك + لاتفاق حول تحديث شروط اتفاق فيينا، وخفض إنتاج النفط بمقدار 1,2 مليون برميل، أعطى زخماً مجدداً لتنشيط جهود الكونغرس اعتماد NOPEC.

معاقبة أوبك ومن يتعامل معها

إن هذا القانون هو واحد من القوانين الأمريكية التي تدعم النشاط القانوني للولايات المتحدة خارج الحدود الإقليمية، وهو نوع من القوانين التي بدأت تظهر منذ عام 2001. عندما انتزعت واشنطن الحق، تحت ستار مكافحة الإرهاب الدولي، في تقديم ليس فقط الأفراد الأجانب والكيانات القانونية، ولكن أيضاً الدول ذوات السيادة للمحاكم الأمريكية.
مشروع القانون يمنح واشنطن الفرصة لتقديم منظمة أوبك، ودولها الأعضاء إلى (العدالة الأمريكية) وفي هذه الحالة، ينظر إلى المنازعات في محاكم أمريكية. وفي حالة عدم تنفيد قرارات المحاكم من قبل المتهمين، فإنه سيتم اتخاذ أداة مجربة للإكراه، وهي العقوبات الاقتصادية. العقوبات التي لا تطال فقط الأطراف المتهمة كدول أوبك فقط، بل الأطراف المتعاملة معها.
حتى الآن العديد من الأصوات الرسمية وإدارات في شركات النفط لديها موقف سلبي من طرح مشروع NOPEC. وبينما لا يوافق عليه وزير الطاقة، إلا أن الرئيس الأمريكي لم يعلّق وهو من المؤيدين غالباً.
إن اعتماد هذا القانون قد يسبب الفوضى في سوق النفط العالمية. وقد يؤدي إلى تصفية اتحاد أوبك، لتكون هنالك زيادة حادة في المعروض من النفط في السوق العالمية، وهو سيؤدي إلى انهيار الأسعار.
تشير تقارير لوكالة بلومبرج إلى أن (وول ستريت صامتة بشأن قانون NOPEC، ولكن قطاع النفط الأمريكي يعارضه بشدّة). وكتب رئيس معهد البترول الأمريكي، مايك سومرز، خطاباً إلى الكونغرس في عام 2018 يقول فيه: إنه على الرغم من أن (مشروع القانون سيؤدي إلى تهديد صناعة النفط والغاز الأمريكي بعواقب وخيمة لا يمكن التنبؤ بها).
تهدف الولايات المتحدة إلى إنهاء هذا الاحتكار النفطي، أو ابتزاز قواه الأساسية، وتحديداً السعودية. ولكن يرى البعض بأنه يهدف إلى إعادة الزخم لكارتيلات نفطية تقليدية كبرى من شركات النفط الغربية الكبرى التي لا تزال قائمة حتى الآن. فمنذ عام 1928 دخلت شركة رويال داتش شل، وشركة النفط الأنجلو فارسية، وشركة ستاندرد أويل (إكسون مستقبلاً). في اتفاقية غير رسمية للقضاء على المنافسة الشرسة، وكونت كارتل النفط الدولي المسمة أشنكاري على اسم المدينة الاسكتلندية حيث تم توقيع الاتفاقية، وبحلول عام 1932 دخلت جميع الشركات الأنجلو أمريكية، المعروفة بالأخوات السبع في الكارتيل المذكور. وقد احتفظت بالسيطرة منفردة على سوق النفط لعقود، حتى في السبعينيات، عندما بدأ تعزيز مواقع أوبك.

مفعول عكسي للضغط الأمريكي!

لا يهدف الكونغرس الأمريكي بطبيعة الحال، لمواجهة الاحتكار العالمي للنفط أو لغيره، بل يهدف إلى حل التحالفات التي تنشأ أو تنزاح عن الفلك الأمريكي... ولكن هذه العملية تبدو خطيرة، حتى أن دول الخليج وأحد قادة أوبك السابقين أصدر ما يشبه التهديد لوول ستريت الصامتة حول التشريع المذكور، حيث حذر وزير النفط الإماراتي والرئيس السابق في منظمة أوبك سهيل المزروعي من العواقب الوخيمة للمشروع. قائلاً (سوف تضرب NOPEC إنتاج النفط في جميع البلدان، بما في ذلك الولايات المتحدة، والتشريع سيحل المنظمة ويؤدي إلى انهيار في سوق النفط العالمية).
الأمر الأهم: أن أيّ ضغط إضافي غربي على أوبك، قد يدفعها سريعاً لتلقف الفرص الأخرى المفتوحة. لتجد لها طرقاً مختلفة لتسعير النفط واستقراره، الأمر الذي فتحت أبوابه الصين في عقود تصدير النفط باليوان المضمون بالذهب. إن خضة أمريكية مفتعلة في سوق النفط قد تكون غالية الثمن على الجميع وعلى أمريكا أولاً، لذلك فإن المرجح أن تذهب سوق النفط العالمية لتفاوض درءاً للفوضى التي تثيرها الولايات المتحدة مجدداً.

*عن مقال فالنتين كاتاسانوف: US WANTS TO CREATE A WORLD OIL CARTEL UNDER THE AUSPICES OF AMERICAN CORPORATIONS

معلومات إضافية

العدد رقم:
905
آخر تعديل على الإثنين, 18 آذار/مارس 2019 10:49