«الملكية الفكرية» شركات الرَّيع والفساد الكبرى

«الملكية الفكرية» شركات الرَّيع والفساد الكبرى

أكبر 5% من الشركات العابرة للحدود عالمياً تملك 80% من الصادرات وسطياً. ولكن هذا ليس كل شيء... حيث يتبين أن قيمة هذه الصادرات وحصة الشركات ترتفع ليس نتيجة زيادة كمية الصادرات، بل فرضُ سعر احتكاريٍ، المفروض عبر ما يسمى الأصول غير الملموسة.. امتلاك هذه الشركات للشهرة والاختراع والابتكار.

 

بحث تقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنميةUNCTAD لعام 2018 في حصة الشركات العابرة للحدود من التصدير العالمي، ومستوى احتكارها للصادرات العالمية الذي يجعل 73% من الشركات الجديدة تُغلَق بعد سنتين فقط من بدء عملها، وتحديداً في الدول النامية. في دراسة لواقع الاحتكار في مرحلة العولمة المتفاقمة.
يشير التقرير إلى أن عقود تحرير التجارة الدولية، وإلغاء التعرفات الجمركية والحصص التي فرضت في مرحلة النيوليبرالية على العالم بأسره. ترافقت في الوقت ذاته مع معيقات للمنافسة متجذرة في معاهدات التجارة الحرة ذاتها. والتي تعتمد الحواجز على الأصول غير الملموسة، التي تمتلكها الشركات الكبرى عالمياً، معتمدة على التوسع القانوني للملكية الفكرية.
والأصول غير الملموسة مثل: الشهرة والاعتراف بالعلامة التجارية، والملكية الفكرية مثل: براءات الاختراع وحقوق التأليف والنشر وغيرها... تحولت إلى جزء أساس من أصول وقيمة رؤوس أموال الشركات الكبرى.
لتشكل حوالي ثلثي قيمة هذه الشركات، وفق ما أشارت إليه منظمة التجارة العالمية في عام 2012. حيث العديد من المنتجات التي كان من المعتاد أن تدخل في بند البضائع قليلة التكنولوجيا، أصبحت تتضمن نسبة عالية من الاختراع والتصميم في قيمتها، والتي تؤدي إلى رفع أسعارها لوجود ريع حقوق الملكية ضمن هذه القيمة، لتعد هذه السلع «كثيفة المعرفة».
ارتفعت عائدات هذه السلع، وأصبحت الأطراف المشترية تدفع مبالغ أعلى لقاء استخدام حقوق الملكية الفكرية الأجنبية المتضمنة في الصادرات أو الوكالات، وخلال عشرين عاماً بين 1995، 2015 ارتفعت مدفوعات استخدام حقوق الملكية الفكرية الأجنبية من أقل من 50 مليار دولار إلى 367 مليار دولار سنوياً.
الدول النامية كانت تدفع مقابل هذه الحقوق حوالي 8 مليار دولار، وأصبحت تدفع أكثر من 73 مليار دولار سنوياً. بينما دول المركز هي مركز تداول هذه السلع، فبينما كانت تتلقى مقابلها 47 مليار دولار في 1995، فقد أصبحت تتلقى قرابة 360 مليار دولار منها في 2015، والولايات المتحدة هي المتلقي الأكبر.
طرف عالمي آخر أصبح لاعباً أساساً في حركة حقوق الملكية الفكرية، وهو الدول التي تمثل مراكز التهرب الضريبي وتبييض الأموال عالمياً مثل: (إيرلندا، ولوكسمبورغ، وهولندا، وسنغافورة، وسويسرا). والتي ينتقل إليها 18% من مدفوعات حقوق الملكية الفكرية، والتي تعتبر مركزاً لأرباح وإيرادات الشركات العابرة للحدود، حيث تنتقل عائدات هذه الشركات من الملكية الفكرية إلى هذه «الدول».
فالشركات العالمية تحتكر التصدير العالمي، وتأخذ قيماً احتكارية عالية لقاء احتكارها للمعارف والابتكارات وتثبيت أسعارها عند مستوىً عالٍ، ثم تنقل هذه الأرباح «المشفوطة» عبر العالم إلى الدول ضعيفة السيادة، والتي تُتيح للمال العالمي «مراتع تهرب ضريبي».