استثمار الفوسفات السوري وحصة المستثمرين

استثمار الفوسفات السوري وحصة المستثمرين

تتسارع العقود التشاركية الاستثمارية في قطاع الفوسفات السوري، وتقرها القوانين بشكل متسارع، فبعد أن تم إقرار العقد مع الشركة الروسية ستروي ترانس غاز لتحصل على نسبة 70% من إنتاج الفوسفات في شهر 3/2018، يأتي اليوم إقرار عقد موقع مع حكومة الجمهورية الاسلامية الايرانية حسب موقع (عالم المال والأعمال)، للاستفادة والاستثمار في مناجم الفوسفات، ودون تحديد مواضع ونسب!
تقدر احتياطيات خامات الفوسفات السورية في منطقة مناجم الشرقية بحوالي 1.8 مليار طن، أي: ما تقارب قيمته وفق أسعار الفوسفات العالمية حالياً: 250 مليار دولار.

 

تشير التصريحات الرسمية إلى أنها تضع هدفاً قريباً للوصول إلى إنتاج يقارب 10 ملايين طن من الفوسفات من مناجم خنيفيس والشرقية في الآجال المتوسطة. أي: مضاعفة الإنتاج أكثر من مثلي مستواه في عام 2010 عندما قارب 3 مليون طن سنوياً.
إن هذه المستويات من الإنتاج تضعنا في المرتبة الخامسة عالمياً من حيث الإنتاج السنوي للفوسفات، وتقارب قيمها وفق الأسعار الوسطية للطن من الفوسفات الصخري عالمياً بحوالي مليار دولار سنوياً.
وبينما تبدو هذه الاحتياطيات مغرية للاستثمار، فإن العقود التي تعقد في الظروف الحالية، والتي تعطي مستثمرين نسبة 70% من الإنتاج، أو دون اعلان النسب كما في حالة العقد الإيراني... تقلص موارد عامة تحتاجها سورية بشدة. ونستطيع من بيانات التكاليف والإنتاج والمبيع في الفوسفات السوري الصادرة عن أعوام الأزمة مؤخراً، أن نحاول تقدير مستوى الموارد التي يمكن أن نخسرها.
الربح من طن الفوسفات
وفق بيانات الإنتاج والمبيعات والتكاليف للفوسفات السوري الصادرة عن المكتب المركزي للإحصاء. تتبين تكاليف إنتاج الطن، بالمقارنة بتسعيرته وبالتالي تتبين أرباحه، وحق الدولة.
ويصل الربح من الطن إلى 9800 ليرة، ونسبة 160% من التكاليف تقريباً. حيث مجموع تكاليف إنتاج الفوسفات في عام 2015 بلغت قرابة 3.7 مليار ليرة، متضمنة المستلزمات والاهتلاك والضرائب غير المباشرة وتعويض الرواتب والأجور. ما يعني أن التكلفة على الطن قاربت: 6200 ليرة للطن، بناء على إنتاج فعلي قارب: 597 ألف طن.
أما قيمة هذا الإنتاج فتقارب إجمالياً 9.5 مليار ليرة. حيث وسطي تسعير الطن: 16 ألف ليرة سورية. وهو مقدر من وسطي سعرين: الأول هو: المبيعات الخارجية حيث سعر الطن وفقها: 22 ألف ليرة، وقرابة 50 دولاراً للطن. أما سعر المبيع المحلي فيقارب 10 آلاف ليرة، وحوالي 22 دولاراً للطن، وفق سعر صرف 450 ليرة مقابل الدولار.
أما إذا وصل الإنتاج إلى 10 مليون طن ووفق التسعير الوسطي المنخفض 16000 ليرة للطن، فإن كتلة المرابح تقارب: 100 مليار ليرة سورية سنوياً، وحوالي: 220 مليون دولار سنوياً. فإذا ما كانت حصة المستثمرين المشاركين في هذا الإنتاج تقارب 70% فإننا نتحدث عن فوات في الربح يقارب: 154 مليون دولار سنوياً.
مع العلم أن سعر المبيع العالمي للفوسفات في عام 2016 قارب 140 دولار للطن وانخفض الآن إلى 100 دولار للطن، وبالطبع الوصول إلى المبيع بهذا السعر قد يتطلب زيادة في تكاليف غسل الفوسفات، حيث كان وزير النفط السابق العلاو، قد أشار إلى أن السعر المنخفض يعود إلى تصدير جزءٍ هامٍ من الفوسفات جافّاً وغير مغسول بسبب عدم كفاية طاقة معمل الغسل، وبتصديره جافّاً تنخفض نسبة تركيز خامس أكسيد الفوسفور في الكميات المنتجة.
فإذا ما ارتفع سعر مبيع الفوسفات إلى 100 دولار للطن فقط، فإننا نتحدث عن مرابح تقارب: 840 مليون دولار سنوياً، منها 590 مليون دولار سنوياً للمستثمرين!
حق الدولة 7.7% من ربح الطن
أما حق الدولة من الصناعات الاستخراجية الذي تم تعديله ورفعه وفق القانون رقم 7 لعام 2017ليصبح تحديده على أساس نسبة تتراوح بين 15-20% من السعر المحلي ولكن بعد خصم التكاليف. فإنه منخفض إلى حد بعيد، ووفق الأرقام السابقة فإنه لا يتعدى 760 ليرة للطن حق الدولة، ونسبة 7.7% من الأرباح! وحوالي 7.6 مليار ليرة سنوياً. فالسعر المحلي لا يتعدى 10 آلاف ليرة سورية، وبعد خصم التكاليف منه يصبح المتبقي 3800 ليرة، نسبة 20% منها تقارب 760 ليرة. والمفارقة أن المؤسسة العامة للجيولوجيا ستدفع نسبة منه بناء على نسبتها من الإنتاج التي لا تتعدى 30%.
لم تتوضح طبيعة العقد الموقع مع إيران في مجال «استثمار الفوسفات والاستفادة منه» كما نقلت التصريحات الرسمية المقتضبة حول العقد... ولكن ما تم توضيحه حول العقد السابق الموقع مع الشركة الروسية بنسبة 70% حصة المستثمر، لا يبشّر بالخير. أكثر ما تحتاجه سورية هو: الموارد العامة من القطاعات ذات الربحية العالية، كما في الصناعات الاستخراجية، وإذا ما كان التعاقد مع الشركات الأجنبية، والفساد في قطاع النفط والغاز، حيث نسبة الربح تفوق 835% قد أفقد الاقتصاد السوري الكثير، فإن الفوسفات أيضاً قطاع ذو ربحية عالية بنسبة 160% بالحد الأدنى، وقادر على تحقيق إنتاج يقارب مليار دولار سنوياً. وقد كان لدى المؤسسة العامة طاقة إنتاجية بمقدار 3.3 مليون طن قبل الأزمة، والاستثمار في طاقاتها الاستخراجية هو أجدى من التشارك بنسب غير مسبوقة! قد تؤدي إلى فوات في الأرباح السنوية يتراوح بين 154 مليون دولار وقد يصل إلى قرابة 590 مليون دولار سنوياً، إذا ما تم التصدير بسعر عالمي غير مخفّض!

آخر تعديل على الإثنين, 25 حزيران/يونيو 2018 13:05