حرب الصين على الاستغلال

حرب الصين على الاستغلال

عندما تمتلك الصين قرابة 1.4 مليار نسمة، ونسبة 18% من القوى العاملة عبر العالم، فإنها عملياً تمتلك جزءاً هاماً من منبع الثروة العالمية، أي: العمل البشري، وعندما تستهدف الصين رفع مستوى قواها العاملة، وانتشال مئات الملايين من الفقر، فإن آثار هذا ليست صينية فقط، بل لهذا تأثير على مواجهة الاستغلال عالمياً...

قوى عاملة أعلى أجراً أكثر تطوراً
أكثر من 910 مليون نسمة في الصين في عمر العمل، وبينهم 760 مليون تقريباً من القوى العاملة، ممن يصرفون ساعات عملهم متفاعلين مع الآلات في المصانع والورش الكبرى، ومع المعدات في المزارع، ومع العربات في النقل، ومع منتجات المخابر والعلوم والأبحاث، ومع الحجم الهائل لأعمال التجارة والتمويل، والإدارة والتعليم والصحة وغيرها...
يتراجع عدد القوى العاملة في الصين، فخلال خمس سنوات خسرت الصين أكثر من 19 مليوناً من قواها العاملة. وهذا ناتج عن أن الذين يتجاوزون سن الـ 59 سنة ويتقاعدون عن العمل تعدادهم السنوي أعلى ممن يدخلون في سن الـ 15 سنة. ويضاف إلى هذا أن نسبة هامة من القوى العاملة في المرحلة بين 15- 24 سنة لا تدخل سوق العمل، بل تكمل تعليمها، حيث أصبح نصف الداخلين الجدد إلى سوق العمل الصينية سنوياً من حملة الشهادات الجامعية.
وإضافة إلى ذلك فإن الآلات في الورش والمعامل الصينية، وحتى في المزارع تزداد، مقابل تراجع عدد العمال. حيث أن معدل كثافة العمال مقابل الآلات في مجمل الشركات الصينية يتراجع بمعدلات متسارعة سنوياً، وأكثر من الثلث: (-35.5% في 2011، - 37.2% في 2012، -36.2% في عام 2013).
وبالمقابل ترتفع الأجور في القطاعات كافة في الصين: (+11.3% في 2011، 10.5% في 2012، 9.7% في 2013).
وهذا جميعه يدل على أن الصين تنتقل بسرعة وبشكل منظم، من نمط الإنتاج المعتمد على كم عمالة كبير ورخيص، إلى عمالة أكثر تعليماً، وبأجور أعلى وتستخدم آلات ومعدات أكثر عدداً وتطوراً.
انجذبت رؤوس الأموال الغربية إلى الصين منذ الانفتاح النيوليبرالي في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، لسبب أساس هو: انخفاض تكلفة القوى العاملة في الصين، وما ينتج عنها من معدل ربح مرتفع، ناجم عن إمكانية رفع معدل الاستغلال، وزيادة الربح مقابل الأجور المنخفضة. ومجمل المؤشرات السابقة تدل على أن الصين تطوي صفحة الاعتماد في نموها على رخص قوة عملها، وتخفف من الاستغلال الحاد لقوى المال العالمية للقوى العاملة الصينية هائلة العدد.

3 تريليون يوان... و 600 مليون خارج الفقر
لا تعمل الصين فقط على رفع حصة أجور عمالها من ناتجها الإجمالي، وعلى عكس عمل قانون الاستغلال. بل تذهب إلى مسألة الفقر، أي: إلى مجمل النتائج الاقتصادية الاجتماعية التي نجمت عن مرحلة النمو الكبرى المشوّهة ليبرالياً، والتي أثرت إلى حد بعيد على مئات الملايين من فقراء الصين.
فبين عامي 1990- 2011 كانت الصين قد انتشلت أكثر من 439 مليون من الفقر، وهؤلاء هم نسبة 48% من فقراء العالم في حينها. وفي نهاية عام 2015 كانت الصين قد انتشلت أكثر من 600 مليون من الفقر، وبقي أمام الصين تحدٍ 70 مليون من الفقراء الموجودين في الريف، يعيشون تحت خط الفقر المحلي، الذي تحدده الصين بـ 2800 يوان، وهو أعلى من معدلات الفقر المحددة عالمياً بـ 1.9 دولار يومياً.
وفي خطة مواجهة الفقر الشاملة التي ينبغي أن تنتهي في عام 2020، فإن الصين وزعت أهدافها وفق فئتين من الفقراء: من هم غير قادرين على إنتاج دخولهم وإعالة أنفسهم، ومن ينبغي أن تتم عملية تطوير قدرات إنتاجهم للدخول بشكل منظم.
فمقابل 20 مليون من هؤلاء سيحصلون على الرعاية الاجتماعية المباشرة، فإن 30 مليون سيتجاوزون الفقر بنقلهم الممنهج إلى الصناعة، و10 ملايين عبر التعليم والتدريب، و5 ملايين بنقلهم من المناطق النائية إلى مساكن ريفية جديدة في مراكز البلدات، و5 ملايين آخرين سيتيح الحفاظ على بيئة عملهم الزراعي، وحماية البيئة مجالاً لحصولهم على دخول إضافية مباشرة تنتشلهم من الفقر.
الـ 600 مليون السابقة خرجوا من الفقر بعمليات منظمة، منذ مطلع التسعينيات، واشتدت بعد عام 2010، اعتمدت على التمويل الحكومي الواسع لمحاربة الفقر، وتقدر مجمل مبالغه بـ 3 تريليون يوان بين 2001-2014 شملت: توسيع البنى التحتية، وتوسيع إنفاق التعليم والصحة، وتوسيع التمويل الإنتاجي المباشر في الزراعة، وفي الصناعات الصغيرة وغيرها...

معلومات إضافية

العدد رقم:
833