رأينا بالضريبة؟ على الأكثرية ومع الأقلية

رأينا بالضريبة؟ على الأكثرية ومع الأقلية

عقدت الحكومة ورشة تريد أن تعرف من خلالها تقييم الأكاديميين للسياسة الضريبية... ما اضطرهم للعودة إلى سنوات ما قبل الأزمة لتقييم اليوم، حيث إن النهج الاقتصادي عموماً، والضريبي ضمنه، لم يتغير حتى مع أزمة بهذا الحجم، بل تفاقمت المفارقات الواضحة في نظامنا الضريبي كجزء من تشوهات المنظومة الاقتصادية الليبرالية، التي تخدم الأقلّيّة من المالكين وكبار الربح، بالجور على الأغلبية من أصحاب الأجر والدخل الصغير.

تحت عنوان السياسة الضريبة ودورها في التنمية، أقامت وزارة المالية ورشة عمل، الورشة التي نالت اهتمام الحكومة برئيسها وأغلب وزرائها، بالإضافة لحاكم مصرف سورية المركزي ومجموعة من الأكاديميين، توزعت على محورين الدور الاقتصادي والاجتماعي للسياسة الضريبية، ودور النظام الضريبي السوري في تحقيق التنمية.. قاسيون تقدم قراءة لأهم ما طرح خلال الورشة.
هدف الورشة وفقاً لرئيس الحكومة الوصول لأجوبة و خلاصات حول السياسة الضريبة المعتمدة، هل السياسة الضريبة في المسار الصحيح؟ هل هي عبء على الحكومة؟ أو على المواطن؟ أو على المكلف؟ هل تدعم أو تعيق التنمية في سورية؟ أو عنوان للفساد؟ هل السياسة الضريبة عادلة؟ هل يدفع الموظف ضرائب أكثر من صاحب المعمل، أو التاجر الكبير؟ أسئلة عديدة طرحتها الحكومة أرادت من خلاها كما عبر رئيس الحكومة (الوصول إلى حل جذري) وصوغ رؤية ضريبة جديدة.
الإيرادات من 39%
من الموازنة إلى 12%
وزير المالية مأمون حمدان بيّن أن السياسة المالية للحكومة خلال الأزمة تمثلت في المحافظة على معدلات الضريبة، وعدم زيادتها، التوسع في الإعفاءات الضريبية من خلال إعفاء الصادرات والعديد من المواد الأولية والآلات من الرسوم، بالإضافة إلى تخفيض الرسوم الجمركية على المستوردات، نتائج هذه السياسة تظهر بأرقام الحكومة نفسها، فإجمالي الضرائب والرسوم التي تتوقع الحكومة أن تحصلها خلال عام 2017 تقدر بحوالي 322 مليار ل.س، وهو رقمياً يعادل إجمالي الضرائب والرسوم في عام 2011 المقدرة بـ 325 مليار ل.س، والتي كانت تمول 39% من موازنة الدولة البالغة 835 مليار ل.س بالمقارنة مع عام 2017، فإن إجمالي الضرائب تمول 12% فقط من موازنة 2017 المقدرة بـ 2660 مليار ل.س فتراجع الحصيلة الضريبة سمة خلال الأزمة.
القطاع الخاص
نمو بالناتج وتراجع في الضرائب
وعن مساهمة القطاع الخاص في الإيرادات الضريبة، قدم وزير المالية بيانات حديثة حول نمو ناتج القطاع الخاص خلال سنوات الأزمة، وما يقابله من نمو إيراداته الضريبية الموضحة في الجدول المرفق، حيث نجد أن ناتج القطاع الخاص كان ينمو خلال سنوات الأزمة اعتباراً من عام 2013 وبالقياس بالتراجع الكبير في عامي 2011-2012 عندما خرجت الكتلة الأساسية من رؤوس الأموال.
ومع هذا، فإن التحصيل الضريبي وإيرادات الحكومة من هذا النمو لم تزدَد إلا في عام 2015، فنمو ناتج القطاع الخاص في 2013 قابله تراجع في الإيرادات الضريبية لدخل القطاع الخاص بمقدار النصف عن مستوى عام 2012، بينما النمو الذي ارتفع في عام 2014 إلى 16.3% قابله استمرار تراجع الإيرادات الضريبية بنسبة 6.4%، وبالمقابل ففي عام 2015 ارتفع ناتج القطاع الخاص بنسبة تفوق 44% عن عام 2014، وارتفعت الضرائب هذه المرة ولكن بمقدار الربع فقط عن المستوى المتدني في عام 2014.
تنبغي الإشارة إلى أن أرقام وزير المالية حول نمو ناتج القطاع الخاص لا يمكن أن تكون منطقية، إلّا إذا ما كانت تشمل مجمل ناتج القطاع الخاص في القطاعات كافة، كالتجارة والمصارف والصناعة والزراعة وغيرها، ومقاسة بالأسعار الجارية، أي: بأسعار المنتجات المتغيرة بالليرة، دون تعديل قيمة الليرة بناء على التضخم وتراجع قيمتها الفعلية.

د.سليمان أول 30 ألف أجور ينبغي أن تعفى
عن الدور الاقتصادي والاجتماعي للضرائب في سورية، تحدث الدكتور عدنان سليمان أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، مبيناً أن الضرائب كأداة للتنمية لم يجرِ استخدامها بل جرى استخدامها كأداة للجباية، مع غياب للعدالة الضريبة فالحكومة كانت تستطيع أن تأخذ من الأغنياء لصالح الفقراء بما يخفف التمايزات الاجتماعية، وطالب بأن يحرر القسم الأكبر من الدخل من خلال رفع الحد الأدنى للأجور المعفى من الضرائب ليصل إلى 30 ألف ليرة، وعن التهرب الضريبي فالقطاع الخاص الذي يساهم بحوالي 67% من الناتج لا يسدد سوى 2% ضرائب في حين القطاع العام يساهم بـ 30% من الناتج ويسدد ضعف القطاع الخاص بنسبة 4% فهو لا يستطيع التهرب.
المهايني نحو ضرائب
لا تمس عموم المواطنين
قدم الدكتور خالد المهايني مداخلة أظهرت العديد من جوانب الخلل في النظام الضريبي سابقاً وحالياً، فالعبء الضريبي كان يتراجع بينما الناتج كان يزداد!
حيث تراجع من 17.2% في 2001 وصولاً إلى 10.9% في 2010، وهو الذي يتراوح في الدول النامية بين 16-25%، وبالمقابل: زاد الناتج خلال تلك الفترة بنسبة 184% بما يعني تراجع العبء الضريبي بنسبة لا تقل عن 60%، وخسارة كبيرة لموارد الخزينة العامة، وهذا يفرض إعادة النظر بالنظام الضريبي ككل، مع التوجه لفرض ضرائب لا تمس عموم المواطنين، انطلاقاً من المقدرة التكليفية للمواطن، بحيث يعفى الجزء من الدخل الضروري لتأمين نفقات المعيشة الضرورية، أما تحصيل الموارد فيكون من خلال فرض آلية لإخضاع كبار المكلّفين، ومعالجة التراكم الضريبي، الذي يتراوح بين 7-8 سنوات، وإخضاع المستوردات وبشكلٍ خاص الممولة من المركزي للضرائب، فرض بدل خدمات على المشاريع الخدمية الكبيرة، وغيرها.
د. الرضا الأرباح تُعفى والأجور لا!
وبدوره الدكتور عقبة الرضا: تناول الضريبة على الرواتب والأجور، التي تصل إلى 22% من الراتب الذي يزيد عن 75 ألف ليرة وعليه يخضع صاحب الأجر لمعدلات ضريبية تزيد عن المعدلات التي تخضع لها الأرباح الحقيقية، وبشكل خاص: الشركات المساهمة التي تطرح أسهمها للإكتتاب بمعدل 14%، بالإضافة إلى ذلك: لا يخضع أصحاب الأجور الذين يعملون في المناطق النائية لمزايا وإعفاءات من الضريبة، في حين تقدم للشركات والمستثمرين! وبين أن ضرائب الرواتب والأجور كانت تشكل حوالي 3.2% من إجمالي الضرائب والرسوم في عام 2010 وأصبحت تشكل في عام 2017 ما نسبته 8.7% من إجمالي الضرائب والرسوم، بالمقابل: ضريبة الأرباح الحقيقية كانت تشكل 15% وأصبحت حوالي 19% عام 2017، وعليه خلال الفترة 2010-2017 زادت مساهمة ضريبة الرواتب والأجور بنسبة 170% مقابل تراجع مساهمة ضريبة الأرباح تقريباً بنسبة 173%.

معلومات إضافية

العدد رقم:
820
آخر تعديل على السبت, 22 تموز/يوليو 2017 20:21