استيراد المشتقات.. يفتح «باب جهنم»

استيراد المشتقات.. يفتح «باب جهنم»

بدأت عمليات استيراد المشتقات النفطية الخام جاهزة، عبر الحكومة بالدفع المباشر للبواخر الناقلة، وعبر القطاع الخاص من صناعيين وتجار براً.. وفي كلتي عمليتي الاستيراد، هناك تكاليف كبيرة، وكتلة ضخمة من الطلب على القطع الأجنبي، وإمكانية استمرارية تدفق للمحروقات أقل..

 

التصريحات أشارت إلى تكاليف استيراد المازوت من الجهتين الحكومة والقطاع الخاص، ومقارنتها مع التكلفة العالمية للمازوت.

 

البيانات العالمية لأسعار الديزل تشير إلى أن سعر الليتر اليوم قرابة 0.42 دولار، أي حوالي: 218 ليرة سورية، وفق سعر الصرف 520 ليرة مقابل الدولار.

(موقع index mundi للأسعار اليومية للبضائع في التجارة العالمية، حيث سعر غالون المازوت سعة 3.78 ليتر تبلغ: 1,6 دولار بتاريخ 23-2-2017).

عمولات بين

 20-43% من التكلفة

بينما سعر الاستيراد الحكومي الحالي، عبر البواخر وبالدفع نقداً، يبلغ 260 ليرة للتر المازوت، أي حوالي 0.5 دولار لليتر، وفق تصريحات رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 20-2-2017. أي بتكاليف عمولات وشحن تصل إلى نسبة 20% تقريباً.

بينما أشارت تصريحات جهات صناعية وتجارية، ستستورد المشتقات براً، ومن لبنان، إن كلفة لتر المازوت ستبلغ قرابة 0.6 دولار لليتر، أي حوالي 312 ليرة. أي بتكاليف عمولات وشحن تصل إلى نسبة: 43% من التكلفة.

وبالاعتماد على كميات الاستهلاك في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، والبالغ حوالي 1,62 مليار ليتر مازوت، فإننا سنحتاج إلى 810 مليون دولار، أو حوالي 420 مليار ليرة، لتأمين حاجات المازوت لتسعة أشهر قادمة، وذلك إذا ما استوردت الحكومة هذه الكميات.

أما إذا ما تم استيرادها براً وعبر القطاع الخاص، فإن المبالغ المدفوعة للكمية ذاتها قد تبلغ: 972 مليون دولار، أو حوالي 505 مليار ليرة سورية للمازوت فقط!؟

2.2 مليار دولار

 طلب إضافي على القطع!

إن مجمل قيمة النفط الخام المكرر لإنتاج حاجات المشتقات النفطية في العام الماضي، قاربت 1.8 مليار دولار، وهذه المبالغ من القطع الأجنبي لم تدفع، لأن النفط الخام إما من إيران مؤجل الدفع، أو من إنتاج السورية للنفط من الحقول المتبقية.

فما الذي سيعنيه الاستكانة إلى استيراد المحروقات بالقطارة، وعبر القطاع الخاص، وبالدفع الكاش؟! سيعني طلباً إضافياً على الدولار يزيد عن 1.8 مليار دولار، بنسبة العمولات على الأقل، أي بالحد الأدنى 20%، أي طلب إضافي على القطع الأجنبي يبلغ: 2.2 مليار دولار تقريباً.

وهذه المبالغ ستؤمن عبر السوق بالدرجة الأولى، ولدى (جهاتها العليا) التي تمتلك قطعاً أجنبياً بهذا الحجم، لتزود حاجات البلاد من المحروقات.. أو أنها عملياً لن تؤمن، وبالتالي ستستمر أزمة المحروقات بحدتها الحالية، وتتيح إمكانيةً أعلى للأسعار الاحتكارية للمشتقات النفطية لدى السوق السوداء، أو حتى السوق النظامية التي ستستطيع الاستيراد الآن!

النتائج الوخيمة الحتمية!

ما مصير سعر الصرف، مع ارتفاع الطلب على الدولار إلى هذه المستويات؟! المؤشرات الأولى تظهر من ارتفاعه إلى سعر 540 ليرة مقابل الدولار، وبنسبة: 4% تقريباً، بظرف أسبوعين من الحديث عن استيراد القطاع الخاص..

وما مصير أسعار المشتقات النفطية المحلية، هل ستبقى تباع بسعر 180-185 ليرة لليتر المازوت؟! توضح التصريحات أن أسعار بيع المازوت للصناعيين ستبلغ 300 ليرة أو أكثر، أما الحكومة فسياستها ليس لها أمان، وهي التي رفعت سعر المحروقات في العام الماضي، عندما كانت لا تدفع أي دولار مقابل تأمينه عبر الائتماني الإيراني وعبر السورية للنفط..

إن الركون إلى واقع استيراد حاجات المشتقات النفطية كلها بالدفع المباشر ومع عمولات تتراوح بين 20-43%، سيؤدي عملياً إلى واحد من خيارين: إما تأمين المشتقات مع ارتفاع قياسي في المستوى العام للأسعار، وفي أسعار بيع المشتقات، وفي سعر الصرف، مع وصول الطلب على الدولار إلى ما يفوق 2.2 مليار دولار! أو الخيار الثاني وهو: استمرار عدم تأمين المحروقات، واستمرار أزمة الطاقة الكهربائية، وتعطل الإنتاج، وهذا الخيار، يؤدي أيضاً إلى ارتفاع السعر الاحتكاري للمشتقات، وارتفاع المستوى العام للأسعار وتراجع قيمة الليرة.. أي الخيارات سيدفع ثمنهما السوريون مزيداً من الغلاء والفقر!

إذا لم يلجأ أصحاب القرار، إلى حل أزمة المحروقات حلاً عملياً ضرورياً، وإعادة اتفاقات استيراد النفط الخام، بالدفع المؤجل، أو تدفع مباشرة بالسعر العالمي، ودون عمولات، وتكرر في المصافي السورية، عبر الأصدقاء. فإنهم عملياً يفتحون «باب جهنم» على قيمة الليرة، ومستويات الأسعار، وسعر صرف الدولار، وكامل عملية الإنتاج الاقتصادي التي تحاول الاستمرار! وبالمقابل يفتحون «طاقة فرج» جديدة، وعلى أوسع أبوابها لقوى السوق الكبرى، التي أتاح لها نهب السوريين أن تراكم أرباحها بالدولار وتكون جاهزةً إلى حد القدرة على تزويد البلاد بحاجاتها من المشتقات النفطية! المهمة التي يجب ألا يقوم بها أحد سوى جهاز دولة، لا يستغله كبار الفاسدين مكيفين مهماته مع (سلبطتهم). 

0.42 دولار

سعر ليتر المازوت العالمي 0.42 دولار وحوالي 218 ليرة.

0.6 دولار

سعر ليتر المازوت المستورد عبر القطاع الخاص براً، بعمولة 43%.

0.5 دولار

سعر ليتر المازوت المستورد عبر الحكومة بحراً، بعمولة 20%.

معلومات إضافية

العدد رقم:
799