400 مليون ل.س ذهبت هباء في شركة سكر دير الزور بسبب الفساد!!

مرة أخرى، تزكم رائحة الفساد أنوف المواطنين والمسؤولين على حد سواء، فالأنباء المتسربة من شركة سكر دير الزور التي من الواضح أنها وقعت ضحية صفقة مشبوهة نتج عنها خسائر مادية ومعنوية كبيرة، تؤكد أن يد الفاسدين ما تزال هي اليد الطولى في معظم قطاعات الإنتاج المحلية.

فقد تناولت بعض وسائل الإعلام المحلية خبراً مفاده أن شركة سكر دير الزور قد تلقت ضربة موجعة جديدة بعد الفشل الذريع «في إنجاح عمليات تشغيل الديفزيون الجديد الخاص باستخلاص عصير الشوندر من الشرائح والذي تعاقدت عليه (الشركة) مع شركة دانمركية بقيمة عقدية بلغت 6,8 مليون يورو، أي ما يعادل نحو 400 مليون ليرة سورية..» وحسب هذه الأنباء فقد فشلت جميع تجارب التشغيل التي قامت بها الخبرات الفنية للشركة الموردة بسبب «وجود عيوب وأخطاء فنية أدت إلى انخفاض نسبة سحب العصير وبالتالي تدني إنتاج السكر وارتفاع الفاقد العام للتفل»..

وأمام هذه النتائج المخيبة، قامت الإدارة العامة لشركة السكر بإيقاف تجارب التشغيل على أمل أن تقوم الشركة الدانمركية بتدارك الأخطاء الفنية وإصلاحها سعياً للحد من تزايد حجم الخسائر الإنتاجية والاقتصادية التي لحقت بالشركة خلال فترة التجارب التي استمرت 15 يوما.

كما ذكرت مصادر في شركة السكر أنه تم خلال عمليات التجارب تشغيل الديفزيون بكامل طاقته البالغة 5000 طن حسب ما نص عليه العقد المبرم، وبالرغم من تحقيقه الطاقة المطلوبة في فترة التشغيل التي استمرت لمدة ساعتين إلا أن هذه الطاقة كانت على حساب الإنتاج وفاقد السكر في التفل، حيث تدنت نسبة سحب العصير بشكل كبير ولم تتجاوز الـ 70% وانخفضت إنتاجية السكر إلى 250 طن يوميا فقط.. وزادت نسبة الفاقد العام للتفل عن النسبة المحددة للديفزيون الجديد والبالغة 0,2% إلى الحدود العليا، فوصلت إلى 3%، مع العلم أن الديفزيون القديم كانت نسبة سحب العصير فيه تتراوح ما بين 115-125%، وإنتاجية السكر ما بين 300-400 طن يوميا، ونسبة الفاقد لا تتجاوز الـ 0,8%.

مدير عام شركة السكر، وفي رده على أسئلة صحفية حول ملابسات فشل تجارب التشغيل، أكد أن الشركة الموردة للديفزيون أعطيت مدة طويلة لإجراء تجارب التشغيل تزيد عن المدة المحددة بالعقد والبالغة سبعة أيام فقط، ولم تنجح في تحقيق الجدوى الفنية والإنتاجية والاقتصادية أثناء عمليات التشغيل لوجود خلل فني وأخطاء ارتكبها فنيوها الذين لم يكن يوجد بينهم خبير إنتاج خلال إجراء التجارب!!

هذه المشكلة ــ حسب المدير العام ــ أوقعت الشركة بمشكلة أخرى تمثلت في تعثر عمليات الاستلام والتسليم لقسم نظام الطبخ الذي تم التعاقد عليه مع شركة تركية بقيمة عقدية بلغت 128 مليون ليرة سورية، كون هذا العقد مرتبطاً ارتباطا مباشرا بعقد الديفزيون، إذ يوجد حاليا في الشركة 15 خبيرا تركيا لهذه الغاية، وقد توقفت أعمالهم، وهذا ما سيترتب عليه تبعات وأعباء مالية على الشركة هي بالتأكيد في غنى عنها.

وبناء على ما تقدم وعلى ضوء فشل التجارب، تقوم الشركة حاليا بجرد الأضرار والخسائر التي لحقت بها من جراء عمليات التشغيل الفاشلة، والتي أدت إلى ضياع كميات كبيرة من السكر في التفل، بالإضافة إلى ما تسببت به من أزمة خانقة في عمليات استلام محصول الفلاحين..

إدارة الشركة قامت بإعداد مذكرة تفصيلية حول مجريات هذا الواقع ورفعتها إلى الجهات المعنية لاتخاذ الإجراء المناسب.‏ علماً أن ما حدث يؤكد بوضوح حقيقة الصفقة المشبوهة التي تناقلتها العديد من الأوساط عندما فاز العرض الدانماركي على حساب العرض الألماني أثناء استدراج العروض وإعلان المناقصة مما أحدث إشكالية كبيرة على مستوى الشركة، فأجريت تحقيقات موسعة في كيفية فوز العرض الدانماركي الذي يتسم بعيوب فنية متعددة كشفت الآن عنها تجارب التشغيل الفاشلة.‏ والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا من هو المسؤول عن هذا الفشل ومن يتحمل تبعاته؟؟ فإذا كان هناك من يرى أن المسؤولية محصورة في جهة محددة بإدارة الشركة السابقة مثلا، فهذا يقودنا إلى تساؤل آخر: أين هي الجهات الأخرى من المشكلة وعلى وجه الخصوص المؤسسة العامة للسكر ووزارة الصناعة فالمسؤولية مسؤولية كل المعنيين فيهما والجميع يتحملون تبعات الفشل باعتبار أن عقد الديفزيون الدانماركي والملابسات الفنية التي أثيرت حوله كانت على عتبات كل هذه الجهات، هذا إلا إذا كانت تلك الجهات تقصدت إغفال كل ما أثير عن العرض الدانماركي في محاولة تمرير هذه الصفقة المشبوهة، وذلك على حساب اقتصادنا الوطني واستنزافه بما يحقق لبعض المستفيدين الانتهازيين مصالح شخصية؟؟