سياسة الإعفاءات الضريبية للشركات «المرسوم 10»

إن الإعفاء من الضرائب والجمارك المشمولة بقانون الاستثمار رقم (10) يُخَسَّر الخزينة واردات ضخمة وتنجم عنه أضرار اقتصادية كثيرة تجعل جميع الشركات القائمة والجديدة غير المشمولة بقانون الاستثمار في وضع تنافسي صعب جداً، وظالم مع الشركات المشمولة..


وانطلاقاً من استراتيجية التنمية الاقتصادية ككل والقطاعية، يجب وضع جدول يحدد أولويات القطاعات والمشاريع المراد تشجيعها ودرجة التشجيع. وأن تنطبق الإعفاءات الجزئية على جميع الشركات، بغض النظر عن حجم رأسمالها الجديدة والقديمة. وألا يقتصر الإعفاء على الشركات الكبيرة فقط. الشركات الصغيرة و المتوسطة وجودها ضروري وهي التي تخلق الكثير من فرص العمل الجديدة لايجوز الإعفاء 100% من الضرائب والجمارك، فهذا هدر للمال العام، والخزينة بحاجة إلى الموارد لتطوير البنى التحتية من طرق وخطوط حديدية وشبكات كهرباء ومدن صناعية مجهزة بكل الخدمات العصرية.. إلخ (انظر الجدول رقم 1).

(1) مثال عن الاعفاءات

     الضريبية حسب

     الأهمية التنموية

ولكي نعطي فكرة عن حجم المال العام، الذي يتم هدره، لابد من أن ننطلق من شركة رأسمالها 100 مليون دولار (تعمدنا ذلك لأن قانون الاستثمار يسمح بتحويل الأرباح ورأس المال بالعملات الأجنبية عند انتهاء عمل الشركة) وننطلق ممايلي:

فرضيات:

1. رأس المال يدور وسطياً عدة مرات في السنة.

2. استيراد المعدات والتجهيزات ومستلزمات الإنتاج يشكل 50% من حجم الأعمال.

3. وسطي التعرفة الجمركية 40%.

4. هامش الربح يعادل 25% من حجم الأعمال.

5. ضريبة الدخل 60% من الأرباح.

6. يساوي الدولار 50 ل.س.

أنشطة شركة رأسمالها 100 مليون دولار خلال عشر سنوات (مليون دولار).

وإذا حسبنا لهذه الأموال فائدة سنوية مركبة بقيمة 8% لتضاعفت هذه الأرقام. (انظر الجدول رقم 2).

(2) نسبة الاعفاء من الجمارك وضرائب الدخل

الأكلاف والمنافع الناجمة عن قانون الاستثمار رقم (10):

1. زيادة حجم الإنتاج الوطني وتنويعه.

2. خلق فرص عمل جديدة وفيرة.

3. زيادة إيرادات الخزينة على المدى البعيد، بعد انقضاء فترة الإعفاء.

4. تحويل الأرباح بالعملة الأجنبية إلى الخارج.

5. كلفة الإعفاء من الضرائب والجمارك.

إذا انطلقنا من الأرقام المذكورة حول المشاريع المشمولة بقانون الاستثمار رقم (10) نجد أن كلفة فرصة العمل تزيد وسطياً على 4 ملايين ل.س وتصل إلى 10 ملايين ل.س في مشروع لعصر الزيتون وتكرير زيت الزيتون إلى 14 مليون ل.س في مشروع إنتاج الخيوط القطنية والممزوجة وإلى أكثر من 6 ملايين ل.س في مشروع لأنتاج مستلزمات الري بالتنقيط… إلخ. ننطلق من الكلفة الوسطية لفرصة العمل وهي 4 ملايين ل.س. (انظر الجدول رقم 3).

(3) فرص العمل الجديدة

تستطيع الدولة إذا استثمرت كامل إيرادات الخزينة من ضرائب وجمارك في حال الإعفاء (0%) أن تخلق أ كثر من (10) أضعاف ماتخلقه الشركة من فرص العمل إذا كان الإعفاء (25%) حول من (8) أضعاف بكثير وإذا كان الإعفاء (33%) (7) أضعاف إذا كان الإعفاء (50%) أكثر من (5) أضعاف ولاشيء إذا كان الإعفاء (100%).

وعندما ننطلق من أن الدولة تستطيع أن تخلق فرص عمل أكثر في القطاع الخاص عندما تستخدم نفس الحجم من الموارد الاقتصادية، لأن القطاع الخاص يسعى للحصول على أكبر ربح له، في حين تضع الدولة اعتبارات مصلحة الاقتصاد الوطني ككل، وأن هنالك فرص عمل كثيرة لايحتاج خلقها إلى رأسمال كبير مثل مجال التأهيل والتدريب، يتبين لنا أنه من الخطأ إعطاء إعفاء (100%) من الضرائب والجمارك بل إعفاء جزئي حسب الأهمية التنموية في هذه المرحلة، على أن تشمل هذه الإعفاءات جميع العاملين في هذا النشاط الاقتصادي، بغض النظر عن حجم الرأسمال المستثمر، وكذلك الشركات الجديدة والقديمة.

وعوضاً عن تقديم تسهيلات نقدية على شكل الإعفاء (100%) تمنح إعفاءات جزئية نقدية وأخرى عينية مثل تشييد شبكة من المراكز الصناعية موزعة على كافة أنحاء البلاد ليختار المستثمر الموقع الجغرافي الأمثل بالنسبة له. وتقدم خدمات المدن الصناعية بأسعار مدعومة، فيدفع المستثمر مثلاً (25%) من الكلفة الإنشائية لمقسمه في المدنية الصناعية، مضافاً إليها الكلفة الجارية من استهلاك غاز وكهرباء ومال إلخ… لأنه بدون توفر خدمات متطورة للبنية الفوقية و التحتية، لن يكون المردود الاقتصادي لأي استثمار مرتفعاً، بشكل يشجع على الاستثمار.

تحتاج الخزينة إلى موارد كبيرة لتتمكن من توفير خدمات متطورة للبنية الفوقية والتحتية للاقتصاد كله. (انظر الجدول رقم 4).

(4) الأرباح التي يمكن تحويلها الى الخارج

خلاصة:

نستطيع أن نتصور حجم التبديد الكبير للمال العام عند منح إعفاءات (100%) للجمارك والضرائب والذي يمكن أن يصل إلى 1800 مليار دولار خلال عشرة أعوام، عند عودة راس المال العربي السوري المهاجر، والتي يقدرها البعض بين 120 ـ 180 مليار دولار. بالإضافة إلى إمكانية تحويل راس المال والأرباح بالعملات الأجنبية إلى الخارج بما يقارب 1500 مليار دولار.

يمكن لرؤوس الأموال المهاجرة أن تتدفق عند توفر الشروط التالية:

1. ترسيخ سيادة دولة القانون.

2. تطوير وتحديث القوانين من قانون العاملين وقانون الإيجار والتشريعات الضريبية والقانون التجاري وقوانين المصارف والتسليف…إلخ

3. تطوير خدمات البنية الفوقية من تعليم بكل مستوياته لتأمين اليد الفنية الماهرة وتهيئة العقول للإبداع وتطوير الإدارات..إلخ. وتطوير خدمات البنية التحتية من شبكات من الخطوط الحديدية العصرية والغاز والكهرباء والماء…إلخ وتوفير شبكة من المدن الصناعية المزودة بالخدمات المتطورة والموزعة على مساحة البلاد كلها.

4. اتباع استراتيجيات وسياسات اقتصادية لخلق بنى اقتصادية مترابطة ولخلق نسيج صناعي متكامل، اعتماداً على ميزانية طموحة للبحث العلمي. وكلما مشينا بحزم في هذا المجال. تدفق المزيد من الاستثمارات.

5. اتباع سياسة استثمارية توسعية (التمويل بالعجز) للخروج من الركود الاقتصادي عبر مشاريع البنى التحتية من إنشاء شبكة كثيفة من الخطوط الحديدية المكهربة والسريعة وتشييد شبكة من المدن الصناعية مزودة بكل الخدمات. وزيادة الطلب الكلي للاستهلاك العام والخاص عبر زيادة الأجور بشكل فعال ورفع الإنتاجية بمزيد من التأهيل والتدريب، فتنخفض كلفة الإنتاج، مما يجعل المشاريع القائمة والجديدة التي ستشاد أكثر ريعية.

■ د . نزار عبد الله