العملة الهندية.. مفاجأة (مودي)!

العملة الهندية.. مفاجأة (مودي)!

فجر رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، يوم الثلاثاء الماضي، 8 تشرين الثاني، مفاجئة مالية من عيار ثقيل. حيث أعلن عبر كلمة مسجلة بثت على التلفزيونات الرسمية الهندية أنّ الفئتين الأعلى من العملة الهندية (500 روبية و1000 روبية وتعادلان 7.5 و15 دولاراً على التوالي) ستصبحان بلا قيمة خلال فترة قصيرة جداً. وأنّ على حملة هاتين الفئتين أن يسارعوا إلى تبديلهما عبر المصارف الرسمية خلال هذه الفترة.

تأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من الخطوات التي تقوم بها الحكومة الهندية لمحاربة المال الأسود، ولضبط الأسواق الموازية، ذلك أنّ أرقام هذه وتلك ضمن الهند هي أرقام مهولة.. إذ تقول الإحصاءات أن 9 من أصل كل 10 عمال هنود يعملون خارج السوق النظامية.

كذلك فإنّ خمس الناتج المحلي يجري إنتاجه خارج القنوات النظامية، يضاف إلى ذلك أنّ القسم الأكبر من الادخار الذي يحوزه الهنود هو ادخار خارج المنظومة المصرفية.. وإنّ عمليات الادخار هذه تتخذ شكل تجميع عملة بالفئتين الكبريين (500 و1000 روبية) إلى جانب ادخار الذهب.

إنّ الخطوة التي أعلنها رئيس الوزراء الهندي، تعني أنّ أصحاب الادخارات النقدية بالعملة الهندية أمام واحد من احتمالين، فإما أن تتحول مدخراتهم إلى لا شيء، أو أنهم مجبرون على تمريرها ضمن المنظومة المصرفية الرسمية، وهذه العملية تحتاج ممن يقوم بها أن يثبت أن الطريقة التي تَحصّل بها على ادخاره هي طريقة شرعية، وهذا فقط بالنسبة للادخارات التي يزيد حجمها عن رقم محدد.. وبذلك فإنّ أموال الفاسدين ستخضع لسؤال “من أين لك هذا؟” ولكن من حسن حظ الهنود أن السؤال سيطرح باللغة الهندية وعلى الطريقة الهندية.. وليس على الطريقة السورية!

لا تخلو الخطوة من صعوبات تكنيكية، فنظام الدفع في الهند لا يزال يعتمد بشكل أساسي على العملات الورقية، التي تحتل الصدارة ضمن إجمالي الدورة النقدية، أي أن الدفع عبر تطبيقات الهواتف الذكية، وكذلك عبر البطاقات الائتمانية، لا يزال غير شائع في الهند.

ستسمح هذه الخطوة بإعطاء دفعة إضافية لفكرة تعميم الدفع، عبر البطاقات وعبر تطبيقات الهواتف الذكية، وهما طريقتان تسمحان للدولة بإمكانيات تعقب حركة الأموال، بصورة أفضل بما لا يقاس من التداول «الكاش» التقليدي، وكذلك فإنهما تسمحان للدولة بتحصيل الضرائب بصورة أفضل.

إنّ من بين الأمور التي ستدفع هاتين الطريقتين قدماً، هي الفوضى المؤقتة التي ستعم الهند، ريثما تنتهي عملية تبديل العملة، فمعظم الهنود سيبقون دون نقود تقريباً خلال أيام هذه العملية، فالفئات الأدنى لا تحمل من القيمة ما يكفي لسداد الحاجات الملحة من طعام وتنقل وإلى ما هنالك..

وبكل الأحوال فإنّ الخطوة تدلل على عزم هندي رسمي واضح على نقل اقتصاد البلاد خطوة إلى الأمام، عبر زيادة مناعتها ضد الفساد، وعبر تنظيم وضبط الأسواق الموازية ووضعها تحت الرقابة.