وماذا عن المازوت.. والشتاء على الأبواب؟

من الذي يحمينا من برد الشتاء؟! سؤال تسمعه من الناس في كل جلسة ولقاء، ومن لم يتحدث خوفاً أو خجلاً ترى علامات الاستفهام مرسومة على وجهه تطرح أسئلة عن الشتاء وقسوته، وحاجته هو وأسرته إلى الدعم الحكومي إن وجد، لأنه لن يكون قادراً بقدراته الذاتية على تأمينه، فلا راتبه الحكومي، ولا دخله في القطاع الخاص سيكون قادراً على حمايته من برد الشتاء الذي بدأ بقرع أجراسه، والحكومة لم تسمع بعد صوت هذه الأجراس، لأنها فيما يبدو لم تشعر بعد بأنين المحتاجين المتوجسين من حقيقة الدعم الحكومي، الذي بات بحسب رأي وتقدير أغلب السوريين مجرد كذبة كبرى، تحاول من خلالها الحكومة امتصاص نقمة حاجة الناس واحتجاجهم، أكثر من كونها حقيقة واقعية في طريقها إلى التحقق.
 

البدل النقدي المقدر بـ10 آلاف ليرة مايزال دون تأكيد، لأن وزير المالية اعتبر بأحد أحاديثه أن ما يحكى عن تحديد البدل النقدي لا يتعدى كونه أرقاماً دعائية، ولم يتخذ بعد قرار حكومي بهذا الخصوص، فإذا ما صدقت الدعاية على حد القول الحكومي، ووزع الدعم وفق الشروط المعلنة، فإن هذا يعني حرمان 60% من الأسر السورية من حقهم في الدعم، كما وأن الـ10 آلاف المفترض منحها للمواطنين وفق الشروط التعجيزية لن تكون قادرة سوى على شراء 500 ليتر من المازوت، بينما كانت 9 آلاف ليرة في العام الماضي بأسلوب القسائم تشتري 1000 ليتر، أي أن الدعم بالأسلوب الجديد خفض قيمة هذا الدعم وحجمه بنسبة 100%، تضاف إلى استثناء الدعم ما يزيد عن 50 % من المواطنين السوريين!! وبذلك يكون هذا الإجراء مجرد خطوة رفع عتب، لأن البدل النقدي المعلن لن يكون قادراً في هذه الحالة على سد الفجوة الكبيرة التي خلفها تحرير أسعار المازوت في السوق السورية، حيث أن سعر ليتر المازوت في السوق الداخلية بات أغلى من سعره العالمي. هذا ويرى أغلبية  السوريين وفقاً لاستبيان للرأي أجري سابقاً، أن مبلغ 12 ألف ليرة الذي طرح في فترات ماضية لا يكفي لتغطية استهلاك الأسرة السورية من المازوت، فهل ستكون الـ10 آلاف ليرة في هذه الحالة قادرة على تغطية هذا الاستهلاك؟!

لكن الأخطر من هذا كله هو التجاهل الحكومي المتعمد بتقديرنا لضرورة الإسراع في تقديم الدعم، خصوصاً وأن الشتاء بات على الأبواب، والحكومة أعطت لنفسها مهلة مديدة لتقديم الدعم المقدم على دفعتين، وهي آخر العام الحالي، حيث يكون فصل الشتاء قد قطع شوطاً في عظام الناس، وما عاد السوريون راغبين في الحصول على هذا الدعم «السخي»، الذي يتطلب منهم إجراءات وتعقيدات ومعاملات روتينية في أروقة المؤسسات المشرفة على تقديمه وعلى أبوابها، على أمل الحصول على هذا الدعم. وهنا لا بد من التذكير أن توزيع القسائم في العام الماضي بدأ يوم 12 نيسان 2008 وانتهى توزيعها في 27 منه، فالفارق الزمني بين الحالتين شاسع ويتجاوز خمسة شهور، وقد يصل إلى 8 شهور، هذا إذا تم إعطاؤه أساساً!!

هذا موضوعياً له مدلولات كبيرة وأهمها: سعي الحكومة إلى تمييع وتسخيف قضية الدعم، وذلك من خلال المماطلة واختيار التوقيت الخاطئ مقارنة باحتياجات الناس، وإغراقهم بسيل من التعقيدات والإجراءات، وما سيتبعه من اصطفاف في طوابير مقطوعة النظير للحصول على الدعم والمازوت على حد سواء، أو تقديمها في أوقات لا تتناسب وحاجة المواطن السوري وأيام عوزه لها. فالقسائم، بالرغم من أنها وزعت في الشهر الرابع من العام 2008، إلا أنها خلقت أزمة على المازوت، وازدحاماً شديداً في محطات الوقود، وبالتالي أرهقت المواطنين المحتاجين في الحصول على المادة، فكيف ستكون الحالة إذا ما تم تقديم الدعم المادي في أواخر شهر كانون الأول؟! وهل ستكون منافذ التوزيع قادرة على استيعاب وتقديم المازوت للمدعومين المفترضين؟!