حسبة بسيطة.. حصة الاحتكار من سوق الغاز

أصدرت نقابات عمال النفط (عمال شركة محروقات) عدد أسطوانات الغاز المعبأة والمباعة خلال عام 2012. والتي بلغت 31,416 مليون أسطوانة غاز..

يغري هذا الرقم الذي يعبر عن حجم الإنتاج والعرض من أسطوانات الغاز في السوق السورية خلال هذا العام، للتحليل والمقارنة مع حجم الاستهلاك المقابل الذي يعبر عن الطلب.

ففي أزمة ارتفاع أسعار الغاز ومصادرة حصة كبيرة من عمليات توزيعه من سوق الاحتكار السوداء تساعد أرقام الإنتاج بمقارنتها مع الاستهلاك على تقدير السعر الحقيقي لجرة الغاز. والذي يؤدي إلى تقدير حجم الربح الاحتكاري، أي إذا ما كانت فوارق العرض والطلب تبرر ارتفاع الأسعار في السوق بحد معين عن السعر النظامي 500 ل.س، فإن المتبقي من ارتفاع الأسعار ووصولها إلى 3000 ل.س للأسطوانة كوسطي بين أسعار السوق السوداء في دمشق وحلب، يعود إلى الربح الاحتكاري للسوق السوداء.

تقدير حجم الاستهلاك

الاستهلاك المنزلي

1- في الأحوال العادية يقدر متوسط حاجة الأسرة الواحدة بجرة واحدة في الشهر. أي على مستوى سورية حوالي 4,6 مليون جرة شهرياً.

2- استثناءات استهلاكية: تفرض الظروف الاستثنائية للازمات المتراكبة زيادة الحاجة إلى الغاز في ظل أزمة التدفئة والكهرباء. بالإضافة إلى تخفيض وزن الغاز في الأسطوانة. بناء عليه من الممكن أن نقدر زيادة الحاجة وبالتالي وتيرة الاستهلاك إلى النصف. أي جرة غاز للأسرة كل عشرين يوماً تقريباً. لتتضاعف الحاجة الشهرية على مستوى سورية إلى 9,2 مليون جرة.

الاستهلاك الكلي

حساب الحاجة الاستهلاكية لأسطوانات الغاز لا يتم بالمقارنة فقط مع الاستهلاك العادي المنزلي، فالعديد من الورش والمحال والمطاعم تستهلك من الغاز كميات أكبر من الاستهلاك المنزلي، وبالتقدير فإن نسبة الاستهلاك غير المنزلي تصل إلى 30% من الاستهلاك الكلي.

ليبلغ حجم الإستهلاك الكلي حوالي 80 مليون أسطوانة سنوياً في الأحوال العادية، و110 مليون أسطوانة في ظروف الحاجة الاستثنائية.

تغطية الإنتاج السنوي للاستهلاك

في أحوال الاستهلاك العادية: غطى الإنتاج في هذا العام  40 % من الاستهلاك الكلي.

في أحوال الاستهلاك الاستثنائية: نسبة تغطية الإنتاج  20% من الاستهلاك الكلي.

العرض والطلب

إذاً يتضح أن في صلب مشكلة الغاز يكمن النقص الكبير في الإنتاج أي العرض عن حاجة الاستهلاك الكلية أي الطلب التي تشكل أرضية ومنفذاً للاحتكار وارتفاع الأسعار، حيث لا يغطي الإنتاج إلا نسبة 40% في حالة «التقشف الاستهلاكي»، ونسبة 20% من حاجة الاستهلاك في الظروف الحالية الاستثنائية.

بعيداً عن السعر الرسمي 500 ل.س فإن انخفاض العرض عن الطلب يؤدي بشكل مباشر إلى ارتفاع بنسبة مرافقة تقريباً في سعر السوق.

حصة انخفاض العرض من رفع الأسعار

نقص العرض عن الطلب في الأحوال العادية بنسبة 40% يسمح بارتفاع السعر بمقدار 60 % أي يصل إلى 800 ل.س

بينما نقص العرض عن الطلب الاستثنائي بنسبة 20 % يسمح بارتفاع السعر بمقدار 80 % أي يصل السعر إلى 900 ل.س

الجانب الموضوعي الآخر لارتفاع الأسعار هو انخفاض قيمة الليرة فانخفاض قيمة الليرة بنسبة 70% هو ارتفاع مقابل للأسعار بالنسبة نفسها تقريباً.

ليصبح السعر الحقيقي في السوق في أعلى أحواله وفق الاستهلاك الاستثنائي 1300 ل.س تقريباً. وفقاً لميزان العرض والطلب من جهة، وميزان قيمة الليرة من جهة أخرى.

بالتالي فإن أي سعر لجرة الغاز في السوق يفوق 1300 ل.س هو ناتج عن هامش الربح الاحتكاري.

سعر السوق السوداء اليوم يبدأ من 2000 ل.س  مروراً بمتوسط 3000 ل.س بين أسعار دمشق وحلب وصولاً إلى 4000 ل.س كحد أقصى.

وإذا ما أخذنا المتوسط 3000 ل.س في المناطق المأزومة فإن هامش الربح الاحتكاري هو 56% من ارتفاع الأسعار في السوق السوداء.

حصة المحتكرين

لايحصل بائعو الغاز في السوق السوداء على هامش الربح الاحتكاري فقط، وإنما يحصلون على كل ما يزيد عن سعر البيع الرسمي، فهم يشترون من الدولة بسعر 500 ل.س.

إذا ما اعتبرنا أن 60 % فقط من أسطوانات الغاز المباعة في عام 2012 بيعت وفق الحد الأدنى للسوق السوداء أي 2000 ل.س خلال هذا العام أي حوالي 18.8 مليون جرة كل منها بربح 1500 ل.س تعود لجيوب بائعي السوق السوداء، فإن المجمل يبلغ 28 مليار ل.س.

أرباح السوق السوداء من بيع أسطوانات الغاز المنتجة من الدولة، والموزعة من قبلها. بالتالي فإن رفع سعر الجرة لن يحل أزمة الغاز أبداً لأن نقص العرض والقدرة على التحكم بالموزع قادرة على توسيع الهامش الاحتكاري، مهما ارتفع السعر..