(في رحاب الجزيرة..)  القمح متروك ـ منهوب!

(في رحاب الجزيرة..) القمح متروك ـ منهوب!

يبدأ حصاد القمح منذ أواسط ونهايات شهر آيار في بعض مناطق زراعته في سورية، ويستمر إلى شهر حزيران في مناطق أخرى، وسط تحديات وصول الموسم إلى مراكز استلامه الحكومية، أو انتهائه لدى التجار والسماسرة، والدول المجاورة.  ووسط خيارات محدودة بتحقيق عوائد بسيطة أو خسائر بالنسبة للمزارعين، في مناطق زراعة القمح وتحديداً في الجزيرة السورية، وفي محافظة الحسكة التي تساهم عادة بحوالي 60% من إنتاج القمح السوري.

أصدرت الحكومة سعر شرائها للمحصول البالغ: 61 ل.س للكغ من القمح الطري أو القاسي، و 48 ل.س لكغ الشعير، ثم بدأت تصدر المعلومات حول تقدير الإنتاج الذي لا تتوفر معطيات إحصائية دقيقة حوله، إلا أن آخر المعلومات الإجمالية كانت من وزارة الزراعة، التي توقعت أن الإنتاج قد يبلغ 3,2 مليون طن قمح، وهو تقدير مبني على أساس المساحة المخططة والمنفذة، وذلك وفق تصريح وزير الزراعة، لوكالة سانا بتاريخ 20-5-2015.


الاستجرار المتوقع: 60% من القمح!

توقعات الجهات المحلية أكثر واقعية، وأقل تفاؤلاً، حيث حصلت قاسيون على معلومات من المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب حول تقديرات الإنتاج، والاستلام في الحسكة، لكل من القمح والشعير، وهذه الأرقام المبنية على عمل المؤسسة واللجان التسويقية في المحافظة، تبقى في إطار التقديرات المبنية على المساحات المزروعة فعلياً سواء المروية أو البعلية..
فما هو الإنتاج المتوقع في المحافظة التي تنتج 60% عادة من القمح السوري.
في الجدول المرفق تقديرات لكميات إنتاج القمح والشعير ولكميات الشراء الحكومية في الحسكة.

فإذا ما كانت الحسكة ستنتج أقل من 800 ألف طن قمح، فمن المستغرب أن تتوقع الوزارة وصول الإنتاج إلى 3,2 مليون طن، وتحديداً أن معلومات من ريف ديرالزور التي كانت تنتج قرابة 10% من القمح السوري،  تشير إلى أن الإنتاج تراجع بحدود 40% في الموسم الماضي، أما المعطيات حول المساحات المزروعة في 2015 فتشير إلى تراجع نسبته 60% في المساحات المزروعة بالقمح، وذلك في ريف الميادين الذي ينفع أخذه كمؤشر، لأنه الريف الذي لا يزال زراعياً ومأهولاً نسبياً قياساً بأرياف المحافظة المنكوبة الأخرى. وبالأحوال كافة فإن وصول هذه الكميات إلى مراكز الاستلام الحكومية، أصبح أشبه بالمستحيل في الظروف الحالية للريف!.

61 ل.س سعر على (حافّة التكلفة)!

تقديرات مؤسسة الحبوب لتكلفة كغ القمح في الجزيرة هي بين 54-56 ل.س للكغ، أي تعتبر المؤسسة أن السعر المحدد حكومياً 61 ل.س لكغ القمح، مجدي نسبياً، على الرغم من توقعها بأن الحد الأدنى كان من المفترض أن يكون 65 ل.س للكغ.
تقديرات قاسيون للتكلفة في عام 2013 في المنطقة الشمالية الشرقية كانت 47 لس للكغ بالحد الأدنى، وتصل إلى 61 ل.س للكغ في الرقة مع تكاليف نقل 80 ألف لحمولة 20 طن، اليوم قد تبلغ تكاليف النقل من المالكية إلى مركز تسليم غويران في الحسكة 50 ألف ل.س للطن على سبيل المثال، ويضاف لهذا تضاعف في أسعار البذار والسماد، وأجور العمليات الزراعية والمازوت بطبيعة الحال بين عامين، وكل هذا يدل على منطقية تقديرات المزارعين في المحافظة، بأن السعر قد يحقق عائداً بسيطاً في المناطق التي يتوفر فيها المازوت بسعر منخفض، والقريبة من مراكز التسليم، لكنه سيكون أقل من التكلفة في المناطق البعيدة وذات الظروف الأقسى كالمالكية، حيث لم يفتتح مركز تسليم للأقماح فيها منذ عام 2012، أي مركز استلام، رغم أنها كانت تضم قبل الأزمة مركزين.


3 مواقع لـ مساحة 23000 كم2!

ستقتصر مراكز استلام الدولة للحبوب في محافظة الحسكة التي تبلغ مساحتها 23000 كم2، على 3 مواقع فقط هي: مركزي رمز والثروة الحيوانية في القامشلي، ومركز غويران في الحسكة، في تقليص عن العام الماضي، حيث افتتحت خمسة مواقع لاستلام القمح، وشرائه حكومياً، بينما كان المقرر 9 مراكز استلام!.
بحسب آراء من المحافظة، فإن الإمكانية والضرورة كانت تفرض أن يكون عدد مراكز الاستلام أكبر، لتصل إلى 10 مراكز كحد أدنى، قابلة لضمان أمنها، ويرى المتابعون أن تقليص عدد مراكز الاستلام وحصرها في 3 مواقع فقط، سيؤدي إلى تقليص كميات القمح المسلمة، لتضيف عقبة جدية متعلقة بتكاليف النقل، التي قد تجعل السعر الحكومي القريب من التكاليف، سعراً خاسراً، ولا(يستاهل) تعب النقل وكلفه، وسيختار المزارعون بيع المحصول للتجار حتى لو بسعر أقل من السعر الحكومي، فالتجار يستلمون المحصول من الحقل!.
ينبغي الإشارة إلى أن عدد مراكز التسليم في الحسكة قبل الأزمة كانت تبلغ  44 مركز في المحافظة بكاملها، وهو ما كان يجعل تكاليف النقل هامشية سابقاً!.


70 مليار ل.س تشتري مليون طن!

70 مليار ل.س خصصت لشراء القمح والشعير، السعر الموضوع لشراء القمح كاف لشراء 1,1 مليون طن قمح بسعر 61 ل.س للكغ، أما إذا افترضنا شراء الشعير بربع هذا الرقم فقط، أي بمقدار 17,5 مليار ل.س، فإن الكمية المشتراة  قد تبلغ: 364 ألف طن شعير فقط، وثلاثة أرباع المبلغ المذكور ستشتري بهذه الحالة: 860 ألف طن قمح.
أي أن الزراعة تقدر الإنتاج بحوالي 3 مليون طن، ولكنها بالمقابل  ترصد مبالغ تستطيع شراء 1,1 مليون طن، أي ثلث المتوقع بأحسن الأحوال، أما إذا قسم المبلغ بين الشعير والقمح بنسبة الربع إلى ثلاثة أرباع كافتراض، فإن كميات القمح التي ستؤمن بثلاثة أرباع السعر لا تتعدى 860 ألف طن.