% من المستوردات و52،5% من الصادرات السورية مع الدول العربية  التزام الدول العربية بالعقوبات الاقتصادية هو المحدد لحجم تأثر الاقتصاد

% من المستوردات و52،5% من الصادرات السورية مع الدول العربية التزام الدول العربية بالعقوبات الاقتصادية هو المحدد لحجم تأثر الاقتصاد

لا يمكن لأي متابع أو مهتم بالشأن الاقتصادي السوري أن يتجاهل تأثير وتبعات أية عقوبات اقتصادية عربية على سورية إذا ما حصلت، والتي سيجري تقييمها في ضوء حجم التبادل التجاري الإجمالي بين سورية والدول العربية بالدرجة الأولى، ومدى التزام هذه الدول بالعقوبات التي ستفرض على سورية، ونوعية العقوبات المفروضة أيضاً. فهل ستوقف اتفاقية التجارة الحرة العربية؟! وما هو تأثر العقوبات على الربط الكهربائي بين الدول العربية الثماني؟! وهل ستلغى اتفاقات اقتصادية بينية سابقة بين الدول العربية مع سورية؟! كلها أسئلة افتراضية لا يمكن التكهن بإمكانية حدوثها من عدمه، إلا أنها ستبقى إحدى الاحتمالات المقترحة في أية عقوبات عربية على سورية..

49% من الصادرات العربية للعراق

ميزاننا التجاري رابح مع الدول العربية، والتبادل التجاري بالأرقام بين سورية والدول العربية ليست بالقليلة، فمستورداتنا من الدول العربية تشكل 16،4% من إجمالي مستورداتنا الإجمالية، بينما تصل صادراتنا منها إلى 52،5% من إجمالي الصادرات السورية، وذلك حسب أرقام المكتب المركزي للإحصاء عام 2009، وبالعودة إلى تفصيلات صادراتنا نجد أن العراق تحتل المرتبة الأولى بين الدول العربية بنسبة 49% من إجمالي الصادرات العربية، تليها السعودية بـ 10،7% من إجمالي الصادرات، وبالانتقال إلى المستوردات من الدول العربية، نجد أن كتلة مستورداتنا الرئيسية تأتي من مصر التي تستحوذ على 34% من مستورداتنا من الدول العربية، تليها السعودية بـ 24،7%، ثم الإمارات بـ 8% من إجمالي مستورداتنا من الدول العربية، وهذا يعني أن الثقل الأساسي من صادراتنا إلى الدول العربية هي مع العراق، وعلى المقلب الآخر، تسيطر مصر على 34% من مستورداتنا، وبالتالي، فإن التزام الدول العربية بهذه العقوبات هي التي تحدد حجم تأثر الاقتصاد السوري، ولكن التأثر حاصل بالتأكيد فيما إذا جرى التزام بالعقوبات الاقتصادية المفروضة..

التبادل التجاري بين سورية والدول العربية عام 2009 القيمة بمليارات الليرات السورية 

البلــدان

المستوردات

الصادرات

الأردن

8،3

16

السعودية

29

27،5

العراق

3،6

125،7

لبنان

7

16

الإمارات

9،5

8

الجزائر

0،6

9

مصر

40

17

بلدان عربية أخرى

18،6

36،8

البلدان العربية مجتمعة

117،4

256،4

المجموع العام

714

488

الزراعي والحيواني الثقل الأساس

شكل العقوبات المتوقعة على سورية لا يمكن التنبؤ بها، إلا أن مدير صندوق تنمية الصادرات إيهاب اسمندر توقع تجميد التعامل باتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى (الجافتا) مع سورية، هذه الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ الكامل في بداية عام 2005 وأدت إلى تصفير الجمارك بين الدول العربية للمنتجات المصنعة محلياً، وبنسبة لا تقل عن 40% من التصنيع المحلي، وقد يكون شكل العقوبات بتجميد عدد من الاتفاقات الثنائية من جانب بعض الدول العربية مع سورية، فصادراتنا إلى الدول العربية ثقلها الأساسي هو زراعي وحيواني، على عكس صادراتنا إلى الاتحاد الأوروبي حيث كان يشكل النفط عمودها الفقري، فأهم صادراتنا إلى مصر هو: العدس، التين الجاف، بذور كمون، قمر الدين، ورق التبغ، بولي بورثان، التفاح الطازج، ولحم العواس إلى دول الخليج العربي.

أما أهم وارداتنا من هذه الدول، فهو مواد غذائية أيضاً، وبعض المواد المصنعة، كاستيرادنا الأرز الأبيض، والفاصولياء الجافة، والشاي الأسود المجمر، والأسمنت البورتلاندي الأبيض من مصر مثلاً، وبالتالي، فإن لا تقنيات أو أجهزة دقيقة في ميزاننا التجاري بين سورية والدول العربية..

عقوبات محتملة

ومن بين احتمالات العقوبات التي ستفرضها الدول العربية، إمكانية زيادة الرسوم على المنتجات السورية التي وصل بعضها إلى الصفر في الفترات السابقة، مما يعيق حركة البضائع السورية بشكل غير مباشر إلى الدول العربية، دون منعها بشكل واضح وصريح، بالإضافة إلى إمكانية الاستغناء عن المستوردات السورية إلى عدد من هذه الدول، وهذا سيؤدي إلى مضاعفة أسعار العديد من السلع إن لم نقل أغلبها، على اعتبار العامل النفسي يلعب دوراً إضافياً في حركة الأسعار والتسعير في الأسواق السورية، بدلاً من فاعلية قوانين الاقتصاد الكلي، وبالتالي، فإن تطبيق أية عقوبات سيرهق المواطن السوري أولاً قبل سواه، كما أنه سيخفض حجم القطع الأجنبي الذي ستحصل عليه سورية من خلال تصدير منتجاتها إلى هذه الدول، كما ستنعكس هذه المستوردات على الصناعة، التي نستورد لها الكثير من المواد المصنعة، وأنصاف المصنعة من الدول العربية التي تعاني بالأساس من مشكلات على صعيد المنافسة، وعجزها عن الحفاظ على أسواقها التاريخية أو اختراق أسواق جديدة لضعف تنافسيتها..

سورية أهم عقد الترانزيت

يعتبر موقع سورية أهم عقدة ترانزيت بين العديد من الدول العربية، وهذا دُعّم بتخفيض رسم الترانزيت 20 في المئة سنوياً، وصولاً إلى إلغائه كلياً بعد 5 سنوات بين لبنان وسورية والأردن، وهذا أدى إلى تخفيض تكلفة نقل البضائع المستوردة إلى سورية والعابرة بالترانزيت عبر أراضيها إلى الدول الأخرى، فتكلفة شاحنة الترانزيت من لبنان إلى العراق عبر سورية لن تزيد على 80 دولاراً، على أساس متوسط حمولة 30 طناً ووزن سيارة فارغة 20 طناً، بمعنى أن نسبة انخفاض التكلفة هنا تبلغ نحو 43 في المئة، بينما إذا ما تم البحث عن خطوط ترانزيت بديلة فقد لا تجدها، أو قد تكون تكلفتها كبيرة عبر عقد ترانزيت بديلة، وكذلك فإن التبادل التجاري بين السعودية وتركيا يمر عبر سورية، وبالتالي، فإن إيقاف الترانزيت عبر سورية سيعطل أو يعيق التبادل التجاري مع تركيا، فتجارة الترانزيت في سورية بشكل أساسي مع لبنان، فالأردن، والسعودية، كما أن إيرادات الترانزيت إلى الناتج المحلي الإجمالي تراوحت بين 2.09% عام 2000 لترتفع بشكل تدريجي فيما بعد، وهذا يدلّ على أهمية مردود الترانزيت كرافد مهم للموازنة العامة للدولة دون تحمل أعباء كثيرة مقارنةً بالعديد من الأنشطة الاقتصادية كالصناعة، فالموقع الجغرافي له أهمية كبيرة لا يمكن تجاهلها، وخاصة من جانب تركيا والعراق ولبنان والأردن، وهذا يحتم التساؤل: هل من إمكانية أمام الدول العربية إذا ما أرادت فرض عقوبات على سورية تحمل الاستغناء عن الترانزيت مع سورية والاستعاضة عنها بدول أخرى؟! وما هي تكلفة هذا البديل إذا ما وجد على هذه الدول؟! وفي المحصلة يتساءل الكثيرون: هل ستخسر سورية 256 مليار ليرة من صادراتها الإجمالية إلى الدول العربية إذا ما تم فرض عقوبات عليها؟! هذه أبرز الأسئلة الآن..