منظومة عقود من الفساد.. «صعبة الكسر»

منظومة عقود من الفساد.. «صعبة الكسر»

لا تبدي مؤسسات الدولة أية قدرة على التفاعل مع المتغيرات التي تفرضها الأزمة في دورها، فبعد معركة تغيير القرار السياسي في الشؤون الاقتصادية وتحقيق إنجازات نسبية باتجاه كسر الإطار التشريعي لليبرالية الاقتصادية، فإن استكمال الإعاقة يكون عن طريق آليات العمل في المؤسسات التي ركبت لفترة طويلة على أساس تحقيق ربح من ثغرات مفتوحة في علاقتها مع السوق وارتباط لمصالح قوى اقتصادية من الدرجة الثانية والثالثة ليتحول الفساد إلى منظومة متكاملة محددها الفساد الكبير الذي يهيء الجو لتراجع دور الدولة

مقدماً الذريعة الرئيسية لتحول مؤسسات الدولة ومنشآتها التي تلعب دوراً ما إلى منظومة: القاعدة فيها هي البحث عن علاقة فساد وربح مع السوق، والاستثناء هو سير العمل الطبيعي..
ويظهر هذا بوضوح في المؤسسات التي ترتبط بالسوق بشكل مباشر أو بعملية التوزيع، حيث أن توسيع دور الدولة في التجارة كخطوة للأمام يواجه معيقات بيروقراطية كبرى لتناقضه مع مصلحة قوى السوق، ويواجه إذا ما تم معيقات نهب بين السوق وحلقات فساد في المؤسسات ذاتها، آخر الأمثلة من محافظتي دمشق واللاذقية نقدمها في عملية توزيع 200 ألف طن سكر، وجديدها وصول الفروج المبرد المستورد حكومياً من إيران..

«المبرّد الإيراني» وصل..! فماذا حصل؟

تعاظمت التوقعات عن وصول الفروج الإيراني المجمد وأثر طرحه للبيع عما بدا عليه الواقع، فما كان من أسعار الفروج البلدي إلا أن ثبتت في مكانها معلنة عدم الانخفاض، مهما كانت المنافسة قوية أو ضعيفة، حيث إن المؤسسة العامة للخزن والتسويق بدأت يوم الأربعاء ببيع الفروج المجمد عبر صالاتها في مدينتي دمشق وريفها، وباءت التوقعات الأولية بالفشل إزاء انخفاض سعره في الأسواق المحلية نتيجة لذلك، فحافظ كيلو الفروج البلدي على سعر 565 ل.س حسب نشرة تجارة دمشق الصادرة بيوم نزول الفروج المجمد للصالات، مقابل 400 ل.س لكيلو المجمد..

ولم تتوقف المفاجآت عند حد السعر، ومع أول أيام بيع صالات الخزن للفروج المجمد المستورد، تعالت أًصوات الناس مشتكين من فقدانه، وبدأت التأويلات مفسرة الحال إما بتهريبه خارج الصالات أو بوجود (خيار وفقوس) في الصالات التي تبيعه...
شم ولا تدوق
نهى موظفة (35 عام) قالت لقاسيون  «لم أجد الفروج المجمد في صالة الخزن لدى عودتي من وظيفتي، وصدمت كثيراً بما قالوه لي في الصالة بأن الكميات انتهت، هل يعقل أن تنتهي الكميات منذ اليوم الأول، دون أن يقدموا شرحاً أو موعداً لوصوله في اليوم التالي كي أتمكن من الحصول عليه»
ومن جانبه قال أبو علاء موظف (50 عام) إن «التصريحات والوعود التي أتحفنا به المسؤولون لم تجلب لنا سوى الأسعار المرتفعة، فهل من المعقول أن يكون سعر كيلو الفروج البلدي 569 ل.س/كغ، وهناك فروج يباع بـ400 ل.س/ كغ؟»، مضيفاً «لا بد أن تكون هذه المنافسة غير متكافئة أو أنها أساساً غير موجودة».
أما سناء ربة منزل (40 عام) فقالت إن «الحديث عن بيع فروج مجمد لكسر الأسعار طال وكثر، وتأخر تطبيقه إلى أن بتنا نعتقد أنه نوع آخر من المفاخرات الرسمية غير الواقعية».
وتابعت سناء إن «الشائعات مؤخراً تحدثت عن تهريب كل الكميات المستوردة من الفروج المجمد والبدء ببيعه في السوق بسعر 500 ل.س/ كغ، وبرأيي إن عدم الثقة بمؤسسات الدولة وموظفيها نتيجة تجارب سابقة سيئة، دفعت الناس لتصديق الشائعات وساعدت في الحفاظ على أسعار فروج مرتفعة».
التوزيع يومي ..وأثره لاحق
من جهته مدير عام المؤسسة العامة للخزن والتسويق حسن مخلوف أكد إن «بيع الفروج المجمد سيكون في صالات دمشق وريفها كافة بشكل متواز، وأن سعره 400 ل.س/ كغ»، مشيراً إلى «توزيع 100-150 فروجاً لكل صالة يومياً، ماعدا يوم الجمعة».
وعن آلية بيعه وضمان عدم المتاجرة به، أوضح مخلوف أن «هناك توجيهات شديدة بعدم بيع المواطن الواحد أكثر من فروجين اثنين، وأعتقد أنه مع تتالي الأيام سيحصل كل أبناء المنطقة الواحدة على الفروج، لأن استهلاك الأسرة لن يتجاوز الفروجين خلال الأسبوع الواحد».
وأشار مخلوف إلى أن «ساعات وجود الفروج يختلف من صالة إلى أخرى حسب وصول الشحنة اليومية وحسب ضغط الطلب على المادة، لكن وجودها اليومي مؤكد، ولو قصرت مدته».
وحول تهريب الفروج من الصالات، شدد مخلوف أن «الفروج المجمد لم يوزع لصالات المؤسسة قبل طرحه للبيع، بل كان مخزناً في براداتها، وأن مثل هذه الشائعات تسعى لإفشال عمل المؤسسة في خفض سعر الفروج».
أما عن سبب تأخير توزيعه، فأوضح مخلوف أن «الرغبة بالحفاظ على استمرارية تغذية الصالات يومياً وعلى مدى أشهر بالفروج وصولاً لتحقيق الغاية بكسر السعر المرتفع، وعدم وصول كميات كافية دفعة واحدة، اضطررنا إلى تأجيل طرحه في منافذ البيع لحين وصول كميات مناسبة، خاصة وأن الشحنة قد تحتاج لعشرين يوماً حتى تصل، أما الآن فباتت الكميات جاهزة وكافية لحين وصول الدفعات الأخرى، بما يضمن عدم انقطاع التوزيع».
وتمت عملية استيراد الفروج المجمد استناداً إلى قرار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية باستيراد كمية 25 ألف طن من الفروج المجمد..