منع تصدير الخضار معادلة طرفاها (المصدّر والمستهلك).. والفوز للأغلبية

منع تصدير الخضار معادلة طرفاها (المصدّر والمستهلك).. والفوز للأغلبية

انخفضت أسعار بعض أصناف الخضار والفواكه خلال الفترة القريبة الماضية عن المستويات التي بلغتها في بداية الموسم الصيفي، وقد يكون لقرار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بمنع تصدير الخضار الطازجة والمجمدة، فضل في الانخفاض الحاصل، إلا أنه لم ينل تأييد مصدري المنتجات الزراعية والمنتجين، حسب  قول المصدرين..

ورغم المطالبات بضرورة التدقيق وإعادة دراسة القرار بما لا يتعارض مع مصالح المصدرين، إلا أنه تم تمديد القرار حتى 13 أيلول القادم، بغرض «تأمين الاحتياجات وتخفيض الأسعار» وفقاً لتصريحات وزير الاقتصاد محمد ظافر محبك.
قرار صائب .. ولكن!
ويعتبر المصدرون «القرار محقاً ولا شك في ذلك طالما يهدف لتأمين حاجة السوق المحلية وتلبية حاجات المستهلك السوري»، حسب كلام رئيس غرفة زراعة دمشق رئيس جمعية المصدرين السوريين للمنتجات الزراعية عمر الشاليط، إلا أنه «لا بد من الأخذ بعين الاعتبار طبيعة المنتجات الزراعية وأنماط الاستهلاك المحلي».
وأضاف الشاليط إنه «توجد أصناف من الخضار والفواكه مطلوبة ومستهلكة في دول أوروبية عدة، وتتم زراعتها في سورية رغم عدم رغبة المستهلك المحلي بها وعدم دخولها في العادات الغذائية له، وعمومية القرار بمنع تصدير كافة أنواع الخضار الطازجة والمجمدة يلحق ضرراً بمنتجي هذه المنتجات، لعدم القدرة على تصريف الإنتاج محلياً، وبالتالي كساده وإتلافه، فضلاً عن تعطل عمل عدد من المصدرين لهذه الأصناف جراء ذلك».
سحب البساط من المصدر السوري
ولفت الشاليط إلى أن « إثبات وجود المنتجات الزراعية السورية وإنجاز عقود تصدير تتطلب الكثير من الجهود، والعملية التصديرية لا تحتمل وقف التصدير مهما كانت الفترة قصيرة، لأن هذه التعاملات تتم بموجب عقود في مواسم الإنتاج ولا يمكن بعد انتهاء الموسم استخدام الفائض، لأنه لا يشكل عامل أمان في هذه المعاملات التي تتطلب الثقة والاستمرارية، ومثل هكذا إجراء من شأنه التأثير سلباً على العلاقة مع الدول المستوردة للمنتجات السورية وإزاحة المصدر السوري من الأسواق الأوربية في ظل وجود الكثير من المنافسين الأقوياء».
وعن أبرز المنتجات المتأثرة بالقرار، قال الشاليط إن «أصنافاً محدودة تتأثر سلباً بالقرار، مثل الخيار الشوكي وبعض أصناف البندورة والفليفلة الملونة».
الحل بالاستثناء
وحول الحلول التي يطالب بها المصدرون والمنتجون المتضررون، بين رئيس غرفة الزراعة إنه «عبر ممثل مكتب التدخل السريع في وزارة الزراعة، تجري المطالبة بإدخال استثناء على القرار بحيث تستثنى هذه الأصناف من منع التصدير»، منوهاً إلى أنه «عملية إصدار القرارات في سورية من أكثر العمليات مركزية، حيث لم تجر مشاورة المعنيين بالموضوع قبل إصدار القرار».
وتم إطلاق جمعية المصدرين السوريين المنتجات الزراعية عام 2009، و بلغ عدد الأعضاء 96 مصدّراً.
قرار استثنائي لظرف استثنائي
أما رئيس مكتب التسويق والتصنيع بالاتحاد العام للفلاحين محمود حسن فقال إن «الظروف الاستثنائية التي تمر بها سورية تتطلب قرارات استثنائية، ورغم موقف الاتحاد بأن تكون الأسعار مجزية للفلاح ومحققة لاستمرارية العملية الإنتاجية بالدرجة الأولى وتؤمن عيشا كريما له ولأسرته، إلا أن الغلاء المتصاعد يومياً للمواد الغذائية والخضار والفواكه أساساً، والذي له أسباب موضوعية أثرت بنسبة ما، مثل عدم القدرة على تطبيق الخطة الإنتاجية في كثير من المناطق وتلف المحاصيل في مناطق أخرى مع عدم القدرة على الوصول إليها نتيجة الظروف الأمنية، إلا أن المستوى الذي وصلت له الأسعار ليس نتيجة مباشرة لتلك الأسباب، بل هو مقصود ومفتعل من رجال الأزمات المستغلين»، لافتاً إلى أن «الاتحاد يؤيد القرار، طالما يهدف إلى تخفيض الأسعار وتأمين السلع لسد حاجات السوق المحلية، دون الإضرار بمصالح الفلاحين».
وتراجعت المساحات المنفذة بزراعة الخضراوات لهذا العام، حيث لم تتجاوز المساحات المنفذة 60 بالمئة فقط نتيجة الظروف التي يمر بها الاقتصاد السوري.
وأضاف حسن إنه «لم ترد إلى الاتحاد أي شكاوى تتعلق بحصول أو تسبب القرار بخسارة لأي منتج مهما كان الصنف الذي ينتجه، ولا حتى للأنواع التي لا سوق محلية لها».
علاج لنقص المواد ونقلها
وكان مدير التسويق في وزارة الزراعة السورية مهند الأصفر، بين أن قرار منع تصدير الخضار جاء بناء على اقتراح المؤسسة العامة للخزن والتسويق والتي رفعت المقترح إلى اللجنة الاقتصادية، التي أوصت بإعداد دراسة أسبوعية لحركة أسعار الخضار في الأسواق من وزارة الزراعة ومدى تأثير هذا القرار على أسعارها محليا.
وحسب الأصفر فإن الهدف من القرار هو توفير الخضراوات بجميع أنواعها في الأسواق المحلية، الأمر الذي سينعكس على سعرها، كما أن للقرار دوراً بحل مشكلة النقل، حيث ستتحول شركات التصدير إلى شحن الخضراوات للأسواق المحلية بدلاً من تصديرها، مشيراً إلى “رفع تاجر الوسيط والمفرق سعر المادة في ظل ضعف الرقابة التموينية”.

المنتجون: انخفاض ربح وليس خسارة..
ومن جانبه قال أحد المنتجين لمادة البطاطا بشكل أساسي_ رفض الكشف عن اسمه_ إننا «كمنتجين لسنا مع ارتفاع الأسعار إلى الحد الذي وصلت إليه، رغم أنه يجلب الكثير من الأرباح، فالمزارعون يطالبون دائما بفتح التصدير لأنه يحفز على الإنتاج بسبب الأرباح التي يجلبها».
وشرح المنتج أن «المزارع يبيع إنتاجه في سوق الهال الذي يحدد السعر وفقا للكميات الواردة إليه وحسب إمكانية التصدير، حيث يعطي المزارع سعراً مرتفعاً في حال فتح باب التصدير، وبالتالي يرتفع سعر المنتج محلياً، لأنه عند تسليم المبلغ للمزارع لا يتم فصل الكميات المصدرة عن المرسلة للسوق المحلية، بل يجري الفصل بعد الدفع، وبالتالي يكون السعر النهائي بعد إضافة هوامش ربح الحلقات التجارية وصولا للمستهلك مرتفعا».
وأكد أيضاً أن «الفلاح لم يخسر حالياً بسبب إغلاق التصدير لمعظم المنتجات بل انخفض هامش الربح فقط، ومازال المردود يغطي تكاليف الإنتاج، فالكلف لم ترتفع خمسة أضعاف كما حدث مع الأسعار، لكن المتضررين هم فقط من ينتجون مواد ليست مطلوبة محليا».