إجراءات التسعير الإداري.. التشريع «كرّ المسبحة»

إجراءات التسعير الإداري.. التشريع «كرّ المسبحة»

التسعير الإداري هو إخراج جملة من السلع الأساسية من دائرة السوق والمنافسة وهذا يقتضي توفير بديل لعرضها عدا عن قوى السوق، وهذا البديل هو جهاز الدولة المسعّر حكماً وهو ما يتطلب تحكم الدولة بجزء هام من عرض السلع وفق التالي:

تقوم الدولة بتوسيع عمليات استيرادها لتقدمها بسعر غير احتكاري: تملك الحكومة اليوم فرصة هامة من خلال الخط الائتماني الإيراني الآجل الدفع لتقوم باستيراد المواد وتقديمها بسعر مدعوم فالمواد المستوردة من إيران وعددها 13 مادة بحسب التصريحات الحكومية، تغطي نسبة تقارب 27% من مجموع السلع المحررة المزمع تسعيرها.
تستطيع الحكومة من خلال توسيع تجارتها الداخلية أن توسع من عمليات شرائها للبضائع المنتجة محلياً وتحديداً المنتجات الزراعية والمنتجات الحرفية البسيطة المشتقة منها، لتقوم بدور تاجر الجملة، الحلقة التي احتكرتها قوى السوق الكبرى طويلاً فتؤمن بذلك سعرا عادلاً للمنتج المحلي وسعرا بهامش تكلفة محددا للمستهلك.
وهذه العملية تقيدها البيروقراطية وغياب المرونة في اتخاذ القرار وانحصار عمليات البيع والشراء الحكومي بمؤسسات محددة لا تسمح ميزانياتها الضئيلة بلعب دور تاجر جملة كبير..
فلا تبلغ ميزانية مؤسسات التدخل الإيجابي المسموح لها بالاستيراد والشراء من المنتجين أكثر من ..... وهو ما يتطلب زيادة الإنفاق الاستثماري المخصص لها، وعدم حصر هذه العمليات بهذه المؤسسات فقط.
التعامل مع الأمر الواقع خطوة إيجابية
إن تأمين هذا الدور التوزيعي الرئيسي للحكومة هو الشرط الأولي لنجاح عمليات المراقبة القانونية والانتقال إلى الشق القانوني التشريعي منه، فتشديد العقوبات قد يفلح في ضبط جزء من السوق ولكنه لا يؤمن ثباتا للعملية..
ولكن في ظل ضغط قوى الليبرالية فإن انتظار استكمال هذا الدور سيؤخر عملية التسعير لذلك تم التعامل اليوم وفق سياسة الأمر الواقع باستغلال إمكانية تحقيق خرق قانوني تشريعي بتشديد العقوبات وتعديلات في قانون التموين وذلك وفقاً للتعديلات التي صدرت بتاريخ 16-7-2013 والتي عدلت بعض أحكام قانون التموين والتسعير رقم 123 لعام 1960 وتعديلاته وإلغاء القرارات والتعليمات المخالفة، التعديلات التي أدت إلى إلغاء عملية تحرير الأسعار قانونياً، وألزمت بإيجاد آلية للتسعير.
حيث بدأت المجالس المحلية بتسعير مجموعة من المواد الرئيسية وذلك بتحديد أسعار الكلف وهوامش الربح المناسبة
وهذا ما سيسمح للسلطات المراقبة بإيجاد مستمسك قانوني على التجار المخالفين والمسعرين بأسعار أعلى، هذا التغيير أصبح بمثابة مفتاح وحافز  لاستكمال العملية بأن تملأ الدولة كل فراغ ينشأ عن السوق ويعيق عملية التسعير، ليبقى المحدد الأساسي نجاح جهاز الدولة باستعادة حصته الهامة من التجارة الخارجية والداخلية..